مؤانسات رمضانية (15) بكاء على مسلسل "نور ومهند"

مؤانسات رمضانية (15) بكاء على مسلسل "نور ومهند"

21 يونيو 2017
+ الخط -
قدم أبو عمار السلموني وجهة نظره المتعلقة بتناقص النشاط الاقتصادي لأهل المدينة في النصف الثاني من رمضان، فقال:
- جرت العادة، في مثل هذه الأيام من شهر رمضان، أن تزدحم الأسواق طيلة النهار، وحتى موعد الإفطار، ووقتها تصبح الشوارع خالية تماماً. وبعد تناول الإفطار وأداء الفرائض الدينية والفرجة على مسلسل أو اثنين يبدأ الناس بالانتشار في الأسواق والتبضع بنهم، وذلك من أجل العيد الذي اقترب. وهذا الأمر له علاقة بالفرق بين التوقيتين الميلادي والهجري، لأن الرواتب تصرف للموظفين في مطلع الشهر الميلادي، فإذا صادف دخول رمضان في منتصف الشهر، فإن الموظف يصرف الراتب كله قبل حلول مطلع الشهر الميلادي، ويقعد بعدها (على الأرض يا حكم).
تدخل أبو نزار المفلسف الذي بدا مسروراً بعدما التهم ما لا يحسب الحاسب من الأطعمة والحلويات، فقال: لا شك في أن اللغة التي تحدث بها أبو عمار هي العربية، ولك، يشهد الله أنا كنت أسمع كلامه فيخطر لي أنه يتحدث بلغة أخرى، وأنني أحتاج إلى ترجمان لكي أفهمها.

فأولاً هو يتحدث عن المدينة والأسواق ونحن هنا في القرية لا يوجد لدينا سوى ست دكاكين بقالة وقصاب (لحام) واحد، وقد ورد في حديثه شيء اسمه الراتب، وهو المبلغ الذي يُعطى للموظفين الفهمانين في مقابل المزارعين الذين يعيشون على المواسم، وأنا ينطبق علي المثل القائل (مثل شيخ القريتين لا هو من هين، ولا هو من هين)، وبظني أن أكبر غلط ورد في حديثه هو قوله إن الناس يتفرجون على مسلسل تلفزيوني أو مسلسلين في اليوم، فزوجتي السيدة أم نزار، من دون مبالغة تشوف عشر مسلسلات خلال الأربع وعشرين ساعة، وهي، لعلمكم، لا تشوف المسلسلات مثلما يشوفها عامة الناس من أمة سيدنا محمد، بل تشوفها بكل جوارحها، وخلال عرض المسلسل لا يهدأ لها لسان وهي تحلل وتفسر وتشرح وتوضح لغيرها من المشاهدين، أن هاي سلوى هي أخت هداك محمود بالرضاعة. ولما خطبها أهلها ما كانوا يعرفون ذلك فقبلوا.
ثم، ألف الحمد لله، جاء من أخبرهم بالأمر، ونوال وقعت في حب شادي، وهي أخلصت له. لكن تبين أنه كان يتسلى ويلعب، وأخوها مثل الأجدب، عرف هذا الشي وسكت، بعدين راحت رفيقتها والتقت بشادي وقالت له حرام عليك، عشمتها، فقال لها: اتركينا منها، شو رأيك أعزمك على كاباتشينو في قهوة الإتوال؟
قامت بهدلته وقالت له أنت واحد غشاش وبودك تضحك علي. يا شباب، وكل هادا كوم، وفرجة زوجتي أم نزار على مسلسل نور كوم، ومع أن المسلسل يعاد للمرة التالتة، وهي شافته كاملاً في المرتين السابقتين، إلا أنها تبكي كلما زعلت نور من مهند، لا تبكي مثلما يبكي الناس حينما يموت لهم ميت عزيز، بل إنها تجعر جعير، وآخر مرة، على قد ما بكيت تورمت عيناها، وقالت لي خدني على طبيب العينية، فقلت لها: أولاً أنا ما معي مصاري مقابل دفع أجور المعاينة، وتانياً أنا أنصحك أن تنتظري حتى يتصالح نور مع مهند، وأكيد عيناك ستشفيان. أنا أحب أن أعرف شي واحد بس. ليش بكيتي على نور ومهند؟ والله لو كنتِ أنت تشبهين "نور" لا أزعل. هل تعلمون بماذا أجابتني؟
قلنا: بماذا؟
قالت لي: أنا لا أشبه نور، فهي حلوة كتير وأنا بشعة. ولكن أنت تشبه مهند.
وانفلتت بالضحك وقال لي: لا تصدق حبيبي أبو نزار. عم نمزح.
-------------------------------------------
(يعود تاريخ هذه الحكايات إلى ما قبل ربع قرن من الزمان)

دلالات

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...