ترامب: أنا رجل لطيف صدقوني

ترامب: أنا رجل لطيف صدقوني

27 مايو 2017
+ الخط -
تسريبُ معلوماتٍ عن اعتداء مانشستر، هدايا المملكة السعوديّة، وحتّى تأييد الصهاينة لنقل السفارة الإسرائيليَّة إلى القُدس، قضايا لا تمتُّ للطف بأي صلة.

وربما يكون الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لطيفاً، كما قال هو عن نفسه في كتابه "أميركا المريضة". خاصَّة أنَّ الرجل توسَّل القراء ليصدّقوه، وكررها مراراً "أنا رجل لطيف حقاً، صدقوني وأشعر بالفخر كوني رجلاً لطيفاً".

إذ لا علاقة عكسية بين اللطف، وكونه مليارديرا تنوف ثروته عن 10 مليارات دولار. كما ليس شرطاً أن لا يرفع اللطيف شعارات مجنونة، أو حتى غير لطيفة، من قبيل إعادة المهاجرين السوريين الذين يطلبون اللجوء إلى الولايات المتحدة، أو العالم سيكون أفضل حالاً إذا كان "صدام والقذافي" بالسلطة، أو حتى تغير المناخ هو مجرد "طقس". 

إذ يمكن إجمال كل تلك الصيحات وغيرها ما هو أفظع، من كرهه للنساء والمسلمين، ضمن الجنون أو وجهات النظر، وليس لذلك، حتى الجنون، علاقة باللطف من عدمه. 

وأيضاً، لا علاقة للطف بتنفيذ الوعود الانتخابية التي رفعها خلال حملته، بعد انقضاء مئة يومٍ على تسلُّمه الرئاسة، إن ما يتعلق بالتأمين الصحي، والإصلاح الضريبي، أو فصل الولايات المتحدة عن المكسيك "بجدار عنصري" أو حتى، وهو الأهم، تحديد ولو ملامح للسياسة الخارجية الأميركية، إن ما يتعلق مع عمالقة الاقتصاد، والصين بمقدمتهم، أو بالسياسة والعسكرة، بعد أن أراق سلفه أوباما، ماء وجه واشنطن، بغير مكان وزمان، عبر فترتيه للحكم، وخصوصاً في سورية أمام التمدد الروسي. 

لكن كل ذلك، لا علاقة له باللطف أولاً، والأهم، أن لا علاقة له بالتجارة وتحقيق حلم الولايات المتحدة، فالرجل لم يقل "أنا لطيف صدقوني ويصمت"، بل نحن من اقتطع من قوله ما يتوق إلى تسويقه، كما نقول "لا تقربوا الصلاة " ونصمت عن "وأنتم سكارى"، لأن الرئيس أردف بعد تمنيه بتصديقه أنه لطيف "أتوق ومصمم على أن يكون بلدنا دولة عظيمة مرة أخرى".

وإلا من يعرب لي سر نحو 410 مليارات دولار، حجم الصفقة التي تمتد لعشر سنوات مع المملكة السعودية، ومنذ أول زيارة يقوم بها السيد الرئيس التاجر. 

أما لماذا تشتري المملكة أسلحة وتعزز قدراتها الدفاعية، ومن ستحارب، وما ثمن الصفقة من حماية أميركية أو تجميد قرارات كانت ستصدر، فهذا الطرح ليس في مكانه الآن، هذا إن اعتبرنا طرحه من اللطف بمكان.

نهاية القول: أعتقد أن اللطف وحتى الحماقة، هي مسائل نسبية، يتعلق استخراجهما من الآخر، بطريقة التعاطي معه، فإن داعبت الأسد، كما لاعب السيرك، فسيظهر لطفه كما لو أنه هرة، وإن استفززت الهرة فستتحول لأسد. 

ما يعني، اليوم، الفرصة سانحة لملاطفة الرئيس الأميركي الذي سيبدي، وفق المتوقع، لطفاً شديداً مع روسيا، إن استمرت بالتمسك ببشار الأسد، ويصل لطف ترامب على الأرجح، لاستخدام مبدأ "قطع الرأس" أي فصل بشار الأسد عن جسم النظام، ووقتها مصير الرأس المقطوع يتعلق بمدى لطف الآخرين مع الرئيس اللطيف.