الرقص في الشوارع

الرقص في الشوارع

24 مايو 2017
+ الخط -
في الخمسينيات من القرن العشرين، صار عندنا، نحن السوريين، إذاعة (راديو)، وكان هذا من حسن حظ (الثورات) الشعبية التي بدأت تترى على الأرض السورية: ثورات على الرجعية، ثورات على الاستعمار، ثورات على الإمبريالية، وكلها تستمر حتى النصر، وحتى آخر نقطة دم في عروق الثائرين..
البلاغ رقم واحد لكل واحدة من تلك الثورات التي أسماها المغرضون (انقلابات)، كان يَدْحَضُ، عبر الإذاعة الوطنية، مشروعيةَ الحكم الذي كان قبله، الحكمَ الخائن، المناور، المرتبط، العميل، الذي يريد تسليم البلاد لقمة سائغة للاستعمار، والصهيونية،.. ويَعِدُ، بعد الدحض، الشعبَ السوري بالخبز، والحرية، والصمود، والتحرير (المقصود تحرير فلسطين التي ضاعت، يا حسرتي عليها، من كثرة الثورات!)..


ويضيفُ بأن المجلس الثوري الأعلى (الحالي)، قد تشكل لأجل ترسيخ نظام الحرية الموعود هذا، وسوف يضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالعبث بمقدرات الشعب، وماضي الشعب، وحاضر الشعب، ومستقبل الشعب!

والانقلاب، إذا نجح، يسمى (انقلاب)، وتضاف إلى اسمه صفات من قبيل فاشل، ودموي، وتآمري، وعميل، وحقير، وكلب ابن كلب، وإذا نجح، تشطب كلمة انقلاب من سجلاته، ويصير اسمه "الثورة"، والثورة من الشعب وإلى الشعب. لذلك يخرجُ المواطنون، بشكل عفوي، إلى الشوارع، بعد أن يجدلوا المناديل الخاصة بالدبكة في بيوتهم، وما هي إلا دقائق حتى تراهم يدبكون، ويهتفون، ويُسَقِّطون النظامَ البائد، العميل، العفن، الـ (كلب ابن كلب) ويُعَيِّشون النظام الثوروي، الطليعي، التقدمي الجديد..
المؤرخ السوري الشهير الأستاذ بشير فنصة وصف لسان حال الشعب السوري مع الانقلابات، أو بالأحرى الثورات بعبارة ذهبت مثلاً تقول:
القادم نعطيه (رَقْصة).. والذاهب نعطيه (بعصة)!!
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...