عدوك في التابوت يا سيادة الرئيس

عدوك في التابوت يا سيادة الرئيس

14 مايو 2017
+ الخط -
يُحكى أن بواب مؤسَّسة، وقف يتصَّيد يوماً الداخلين للعمل بتثاقُل، ليقول لكل محبط: "لقد مات من كان يعيق عملك، ويؤخِّرُ ترقيتك ويحول دون أحلامك".

ذهب كل موظف في تفكيره بحسب من يخاله سبب فشله، العامل ظنّ رئيس قسمه قد مات. ورئيس القسم حسب مديره المباشر قد مات. والمدير أضمر أن الميت هو المدير العام، والمدير العام تفاءل بموت الوزير. بيد أن المفاجأة في رؤية كل متفائل لميته أمامه، فعاد الجميع إلى البواب مؤنبين ومستفسرين.

البواب أكد الموت وأن جثة الفقيد مسجّاة في قاعة الاجتماعات. هرع من يهمهم الأمر للقاعة فوجدوا تابوتاً، فتحه كل على حدة، فلم يجدوا بداخله سوى مرآة.

قصارى القول: آخر تصريح للرئيس الوريث بدمشق، خلال مقابلة مع قناة "أو.إن.تي" التلفزيونية في روسيا البيضاء، قال، بعد أن حوّل مسؤولية الحرب ودمار سورية، كما جرت العادة، لكل دول وأصقاع الأرض، وأخرج نفسه بموقع الممانع والمظلوم.

قال إنه لم يتعب وسيستمر بالحكم، بعد تهجير نصف سكان سورية، وقتل واعتقال ثلاثة ملايين، وإدخال سورية ومن أوسع الأبواب، لكتاب "غينس" بعدد الجوعى والفقراء ونسب البطالة والتضخم، بل إن الخسائر بحربه على الثورة، فاقت خسائر الحرب العالمية الثانية.

بعد أن باتت سماء سورية بحاجة لشرطة مرور لتنسق عبور الطائرات وعدم التصادم والاشتباك. وبعد دخول أربعة جيوش بشكل رسمي، بصفة محتلين أو ضامنين، ما زال الأسد يتغنى بالسيادة الوطنية، ويعد أنه سيحرر سورية من الإرهاب بغضون عامين. وسيبقى على كرسي أبيه.

أبعد كل الذي حصل، وبعد رفع الأعلام الصفراء في معارك الاحتلال، والسوداء على المساجد، أيُّ ادعاءات وطنية أو وعود يمكن أن تنطلي، حتى على من استجرهم الأسد من رسن التخويف والطائفية، ليستمر بتنفيذ المؤامرة التي أشار إليها، منذ كانت ثورة السوريين "صوفية" وغير مسلحة ولفتت أنظار أحرار العالم بأسره، ليتابع، ابن أبيه، توغلاً في دمائهم وممتلكاتهم.

أيُّ أمة عربية واحدة بعد استبدال إيران بالوطن العربي وروسيا بالعالم، وأيُّ سيادة بعد التوسل لتدخل جيوش تكسوها الثأرية لتقتل السوريين وتصرخ يا لثارات زينب والحسين.

أي مصير يترجاه السوريون، بعد توقيع اتفاقات ببقاء المحتل الروسي لنيف وأربعين سنة، وتوقيع اتفاقات مع إيران لاستعادة الديون وثمن السلاح الذي قُتل به السوريون، وفتح أبواب سورية لأقطاب العالم، لتصفي حساباتها على الأرض السورية وعبر دماء السوريين.

أبعد كل هذا، وربما ما خفي أعظم، هل بات لطرح، من هو عدو السوريين أي مبرر ومكان؟

أهم العرب الذين جروا ثورة الكرامة بمالهم وتطرف بعضهم ليلقوها في الجب ويبقى يوسف السوري يعاني ريثما تمر السيارة؟

أهم دول الغرب والشمال الذين سرقوا أمل الشعب وأمّلوا يعقوب بقميص من وهم ودم كذب؟ من هو، إسرائيل المغتصِبة التي تربى السوريون على عدائها، وأثروا من أكلهم وحقوق أبنائهم ليحاربوها ويخرجوا "إبراهيمهم من نيران العذاب"؟ ربما جلهم أعداء، وإن بتفاوت النسب والمصالح، وربما جلهم أيضاً يحرص على بقاء سورية في أتون الحقد والدمار والتلاشي.

أتعرف من هو يا سيادة الرئيس، ولا يخامرك الأمل أن للناس ذواكر سمك أو وذباب، لأنها مرحلة تكتب بدم وخيانات وإن انتشيت بـ"مديح الظل العالي"، وتأميل رفاق العقيدة والحرب، بأنك باق ما دام عهدهم بالقوة باقيا.

نهاية القول وعود على بدء، سارع يا سيادة الرئيس الوريث، لفتح التابوت وسترى من هو عدو السوريين، من نقل سوريتهم كرمى لميراث وحقد إلى هاهنا، ومن فاضل ومنذ صيحة السوريين الأولى للحرية والكرامة، بين "الأسد أو نحرق البلد" ومن بدد كرامة الشعب وعرّضه للمساومة وأبشع حالات الظلم والقهر.

سترى عبر المرآة من هو عدو نفسه قبل أن يكون عدو السوريين، وسترى من ملامح وجهه، أي حال آل إليها وربما تلمح الفصل الختامي لنهاية حتمية أظنها قد اقتربت.