عن الألقاب الطائفية

عن الألقاب الطائفية

14 ابريل 2017
+ الخط -
"بشار أسد العرب" عبارة حاضرة على أذهان السوريين، وخاصة مع التسويق الكبير الذي حصل لها في الحفلات الشعبية قبل الثورة السورية، إذ كان بعض المطربين ينسجون كلمات "العتابا" وفق ما يركب على قافية هذه العبارة لإطراب الحضور بكلمات نابعة من حجم تملق المغني، ليكسب الرضا من رجال حزب البعث، ويعلو شأنه في الدولة. حيث كان يتأرجح مع السلالم الموسيقية ليرضي الفريق والعماد واللواء والعميد والعقيد والمقدم وصولاً للمجند الأقل رتبة (رتب عسكرية) وتشتعل الأهازيج والفرح.

ما إن انطلقت الثورة السورية، سرعان ما وجه نظام الأسد رصاصه نحو المتظاهرين السلميين. وسقطت عبارة "أسد العرب" بالمعنى المضمون في النقاط الساخنة ليتم استبدالها وترويجها بشكل آخر فأطلق قلة من الناس عبارة "أسد السنة"! لـ ملك السعودية أو قطر أو البحرين أو غيره وحتى أردوغان لم يسلم من هذا المصطلح العام.

هذه العبارة الترويجية الخاطئة أغرقت السوريين في متاهات الطوائف، فشعارات الثورة الأولى من "دروز ومسيحية وعلوية وسنية نحن بدنا حرية" مناقضة تماماً لما كان شائعاً في الشارع، وخلقت شروخاً وجسوراً هيمنت عليها الأيديولوجيات التسويقية لطائفة أو فكر معين، فهل فعلاً كانوا مناصرين للسنة فقط! عندما ابتليوا بهذا المصطلح أم أنهم كانوا مناصرين لقضية شعب وليس لطائفة بعينها؟

بصرف النظر عن النسبة الضئيلة التي راق لها الشعار لكن رُوِّج له بقصد أو بغير قصد حتى أصبحت الثورة حكراً على السنة كما من الطبيعي فهمه، ناهيك عن سعي نظام الأسد مراراً وتكراراً لتلوين الثورة بطابع جهادي سلفي لا ثورة حرية وعدالة اجتماعية ومساواة. ثم لماذا لم نتجنب فخ الطائفية الذي يحاول نظام الأسد أن يوقعنا فيه بطريقة أخرى مع استغلالها كورقة رابحة بين يديه.

بعد صمت دام 6 سنوات وخيبات بعد الألف خيبة للسوريين، خرجت الإدارة الأميركية الجديدة بمفاجأة طمست عهود إدارة أوباما المترددة وطوت صفحة من تاريخ أميركا بعزيمة متأثرة بعقلية العسكر، مفاجأة بعثت للقيصر بوتين رسالة بعد منتصف الليل، رسالة جاءت على ظهر صواريخ التوما هوك الأميركية، وأظن أنها قد وصلت لروسيا، وهذا ما يتطلب منها أن تعيد حساباتها ومخططاتها من جديد وتقرأ في علم التفسير ما معنى "نحن حازمون"، كما أن ضربة مطار الشعيرات في حمص رسالة سياسية قبل أن تكون عقوبةً لنظام الأسد الذي استخدم السلاح الكيماوي في خان شيخون.

سبّبت الضربة الأميركية الحرج لمن كان يعول على طائفة القائد فلان أو عرق الرئيس علتان، فما هي التسمية الصحيحة لترامب اليوم، ألا يحق له أن يشكر على الصواريخ ويقال عنه "ترامب أسد السنة"! إذا كان الفهم العام للمناصرة يصل عبر هذا المنظار بغض النظر عن الذي دفعه لتوجيه الضربة إن كان ثأراً لأطفال خان شيخون أو النيل من هيبة القيصر.

يا سادة.. استدرجوا أنصاركم بلغة أخرى ولا تقيدوهم بطائفة معينة لتجنب الهروب من أصواتكم، اصرخوا بلغة واحدة يفهمها الجميع، اصرخوا بلغة الإنسان وحق الطفولة في الحياة، فهل سمعتم أن بوتين أسد الأرثوذوكس أو أن هتلر أسد النازية! فتوقفوا عن التسويق الخاطئ واعرفوا جيداً "من أين تؤكل الكتف".

821A5168-6F20-4962-8A3D-3682E9034A89
ياسين الأخرس

كاتب صحافي ومذيع طالب جامعي أدب فرنسي - مراسل إذاعي لدى نسائم سوريا - كاتب صحافي لدى مجلة مُبادر ومجلات أخرى. يقول عن نفسه: أسعى لأعود طالباً جامعياً بعد أن تسترد البلاد عافيتها، نكتب كي يروا ويرون ما لا نكتب، بعد أن تحول كل شيء إلى حرب.