الفتى الأهبل نبيه يشتبك مع الأمن

الفتى الأهبل نبيه يشتبك مع الأمن

05 مارس 2017
+ الخط -
ذات يوم، مر أحد عناصر الأمن في الزقاق الذي تسكن فيه عائلة أبي أحمد، وهو يمشي، من فرط غروره، بطريقة الـ "خصلة وعنقود والباقي فراطة". وكان يرتدي ثياباً أنيقة، ويدب الأرض بقدميه ولسان حاله يقول: "يا أرض اشتدي، ما حدا قدي". وفجأة خرج، نبيه، من داره، وكان يحمل طشتاً مملوءاً بماء الغسيل، فعلى ما يبدو أن والدته أرسلته معه ليسفحه في "طاروق الزقاق"، وفي لحظة واحدة، ودون أن يُقَدّم عقل نبيه أي نوع من التفكير أو المحاكمة، خطر له أن يسفح محتويات الطشت على رأس العنصر وثيابه الأنيقة! ففعل، وعاد إلى الدار.

نط العنصر، وما حط، وحلف بشرفه على أنه لن يغادر هذا المكان حتى يربي ذلك الشخص الذي رشقه بالماء الآسن. وعلى الفور تجمع عند الباب عدد من رجال الحارة وشرعوا يعتذرون له عما حصل، ويشرحون له أن ذاك الذي رشمه بالماء إنسان لا يُؤَاخَذُ، فهو مجنون صريح غير ملتبس، وتربيته ليست صعبة وحسب، بل هي مستحيلة!
أحد الحاضرين لاحظ إصرار الرجل على الانتقام فقال له بتهكم مبطن:
- الحق معك عمي، هذا نبيه رجل قليل تربية، وأنت لازم تربيه. الآن أنا أقرع الباب، وبمجرد ما يفتح نبيه باشر به رفساً وتبكيساً.
وأمسك بسقاطة الباب وقرعها مرتين متتاليتين.
برأيي المتواضع أنه لا يوجد أحد في العالم يستطيع أن يفسر السبب الذي جعل، نبيه، خلال تلك الدقائق التي مضت على رشقه الماء على عنصر الأمن يتخلى عن ثيابه كلها ويخرج إلى الزقاق كما ولدته أمه. وعلى الفور هجم على عنصر الأمن وهو يصيح "عاااا.." وهي الصيحة التي عرفنا من بعدُ أن اسمها هو "صيحة الصاعقة"، وأما العنصر فقد علق رجليه بأذنيه وشرع يركض بسرعة لا يمكن أن يبلغها إلا المذعورون! وبعد أن يئس نبيه من الوصول إليه عاد أدراجه إلى البيت يمشي الهوينى، بينما قال العنصر لمن لحق به من الرجال ما معناه إنكم أبلغتموني أنه مجنون، ولكنكم لم تعطوني فكرة صحيحة عن حجمه، يا عمي أكيد هذا ليس من البشر!
وفي اليوم التالي، قرر أبو أحمد وضع نبيه خلف القضبان، على نحو مؤبد. وهذا ما كان.

----------------

سيرة مسلسلة ــ يتبع   

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...