الحب مشروطاً بالحرية

الحب مشروطاً بالحرية

28 مارس 2017
+ الخط -
سألها متردداً: هل من المفترض أن نحب كي نصبح أحراراً، أم يجب أن نكون أحراراً أولاً كي نحب؟ كانت وقتها شاردة تنظر من شباك المكتبة لشجرتين بدأت أوراقهما بالاصفرار. ولما لم يكن من عادته أن يجرد الأسئلة على من يحبهم، أراد أن يضع سؤاله في سياقه الواقعي، فأضاف: "هذا سؤال مهم بالنسبة لي، أنا أتمنى لو أنه لم يكن كذلك، لكن كل شيء الآن يدعوني لأن أفكر فيه، إنه مهم وضروري وحاسم، وكفيل بأن يبكيني في الليل". 


اسمعي. البارحة مساء شتمني المدير، ولم أردّ أبداً، ضحكت. لا لا، ابتسمت في الحقيقة. ابتسمت لكي أقنع نفسي بأنه يمازحني، لا أعرف تحديداً، ربما ضحكت ضحكه صغيرة، ولذا فإن ثقتي بنفسي الآن أقل من أن تمكنني من النظر إلى عينيك. هل تفهمين هذا؟


ضحكت ضحكة صغيرة ساخرة، ثم قالت: "ليس الأمر كذلك، إن عينيّ قويتان جداً، لدرجة أنهما تذيبانك"، ثم أضافت: اسمع المسألة ليست بهذه البساطة تماماً، أنت تطرح السؤال بطريقة خاطئة، أو ربما يكون سؤالك ناقصاً، لا أقصد أنه من غير الدقيق أن تقيم هذه الثنائية الحادة بين الحرية والحب، ربما يحق لك أن تفعل ذلك على الرغم من أن الأمر مشكوك فيه بالنسبة لي.


ما أقصده هو أن ثمة أشياء أخرى لا بد أنها غابت عن بالك، اسمعني جيداً، سأوضح لك الأمر: أنا مثلك تماماً، في كل يوم أجد نفسي معرضة للإهانة والذل، دون أن أقوى على الرد، في العمل وفي الشارع وفي البيت أيضاً، وعلى الرغم من ذلك، ها أنا أمامك، أنظر إلى عينيك بكل ثقة وبدون أي تردد. قد تظن الآن أنني اعتدت على تلقي الإهانة والذل، أو سمحت لنفسي بأن تعتاد عليهما، لكني أؤكد لك أن الأمر ليس كذلك، لإنني حينما أجلس مقابل حبيبي يحدث لي تماما كما يحدث لك الآن، لا أستطيع النظر إلى عينيه أبداً، أبداً أبداً، هل فهمت؟

دلالات

9353ADE6-D877-43A1-B177-F1BC24A280DB
ضياء أبو سليم

كاتب فلسطيني. حاصل على باكلوريوس في التاريخ من جامعة بيرزيت. مواليد أريحا 1993.