فرنسا .. السباق الرئاسي المشوق

فرنسا .. السباق الرئاسي المشوق

28 فبراير 2017
+ الخط -


كلفت النيابة الوطنية المالية في فرنسا مجموعة من القضاة  بالتحقيق في شبهات وظائف وهمية، تتهم فيها عائلة المرشح اليميني الأبرز للرئاسة في فرنسا، فرانسوا فيون، الذي يعيش أسوء فتراته منذ ليلة سقوط ساركوزي، والتي اختير فيها الرجل مرشحاً لليمين المعتدل الفرنسي.


وكانت كل استطلاعات الرأي تضعه في المركز الأول في السباق نحو قصر الإليزيه، المقرر في إبريل/نيسان 2017،  قبل أن يحدث ما لم يكن في حسبان الرجل،  فزوجته بنيلوبي، متهمة بغسل أموال، والفضيحة تجوب فرنسا كلها.


الأنصار والمقربون يطالبون الرجل بالانسحاب، وفيون يرفض ويصر على إكمال المعركة  الانتخابية حتى النهاية، لم تثنه الملاحقات القضائية ولا الحرب الإعلامية الشرسة، ولا أزمة اليمين التي اشتعلت بسب الفضيحة المدوية، والتي نجح الرجل أخيراً في احتوائها.

آخر استطلاع للرأي في فرنسا أعدته مؤسسة "أودسكا" لحساب إذاعة "فرنسا إنفو"، في العاشر من شباط/فبراير، خرج بأن نسبة 70 % من الفرنسيين يرغبون في انسحاب الرجل بعد الفضيحة المدوية. ورجح الاستطلاع أن يحل فرنسوا فيون في حال مواصلته السباق الرئاسي، في المركز الثالث، وراء مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان، بـ27%، والتي شربت هي الأخرى من الكأس نفسه.

فضائح اليمين الفرنسي توالت حين وجه القضاء في فرنسا تهمة استغلال الأموال الاجتماعية، إلى أحد المقربين من مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان، ليوجه الصفعة الثانية لمرشحي اليمين في فرنسا بشقيه المعتدل والمتطرف، ولتتواصل حلقات فضائح المرشحين اليمينيين للانتخابات الرئاسية في فرنسا.

ويواصل معهم السباق نحو قصر الإليزيه 2017 إثارته وتشويقه. فتارة يبدو اليمين أقرب إلى الفوز بعد الانسحاب التاريخي غرة ديسمبر/كانون الأول 2016، من قبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وتارة أخرى يبتعد اليمين بمسافات كبيرة عن قصر الإليزيه بسب الفضائح، وتبدو الكرة في ملعب اليسار الفرنسي.


اليسار في فرنسا سيكون أبرز المستفيدين من التطورات والفضائح الأخيرة، خصوصاً مرشحه ورئيس وزراء فرنسا الأسبق مانويل فالس، الذي تخدمه كل الظروف، من تنحي أولاند التاريخي إلى عاصفة الفضائح والملاحقات القضائية، التي اجتاحت خصومه في اليمين، خاصة فيون وماريان.

تداعيات الفضائح اليمينية كانت الحدث الأبرز في فرنسا إن لم تكن في أوروبا كلها، فالمظاهرات المنددة بفساد السياسيين وبقضية الوظائف الوهمية، عمت شوارع مارسيليا وباريس، ولم تسلم مونبلييه ونيس وبقية المدن الفرنسية منها.


وتظاهر آلاف الفرنسيين الإثنين الماضي، مطالبين بانسحاب بعض المرشحين الذين طاولتهم التهم القضائية من السباق الرئاسي أولاً، وبمحاسبتهم ثانياً. ففي جمهورية فرنسا، بحسب المتظاهرين، لا أحد فوق طائلة القانون، والكل حسب الدستور الفرنسي سواسية.


هي انتخابات رئاسية فرنسية مثيرة جداً، وسباق رئاسي مشوق لا يستطيع أحد التكهن بنتيجته النهائية والحكم الأخير سيكون للناخب الفرنسي.


وإن كانت استطلاعات الرأي الأخيرة قد استبعدت مرشحي اليمين من الفوز في الانتخابات الرئاسية، إلا أن كل شيء يبقى وارداً، فمن كان يتوقع أن يكون المرشح اليميني، الأبرز  لخلافة الرئيس هولاند، والذي عصفت به الفضائح هو الآخر، وأجبرته على التنحي.

ومن كان يتوقع أن يأتي يوم على اليمين المنتشي وهو في وضع لا يحسد عليه، أن يتقدم برجل نحو قصر الإليزيه، ثم يتراجع برجلين بسبب الفضائح والملاحقات القضائية.


من سيكون الرئيس القادم لفرنسا؟ وهل ستميل فرنسا لليمين أم لليسار؟.. بانتظار الأيام القادمة في واحدة من أكثر الانتخابات تشويقاً، في تاريخ فرنسا المعاصر.

D127B5A7-B6C4-4CC3-AB0D-021CE7601547
الشيخ محمد المختار دي

صحافي بفضائية القناة التاسعة وكاتب بمواقع عربية. حاصل على إجازة أساسية في علوم الإعلام والاتصال من معهد الصحافة بتونس، وعلى بكالوريوس أداب من جامعة نواكشوط، ومقيم في إسطنبول.