عن "معارضة الداخل" و"معارضة الخارج"

عن "معارضة الداخل" و"معارضة الخارج"

02 فبراير 2017
+ الخط -
(عن الداخل والخارج)
موضوع ثنائيَّة الداخل والخارج في النقاش السوري، كتقييم أخلاقي وأسبقيَّة سياسيَّة، يجب أن يُغلَق صراحةً. ليس كلُّ موجودٍ في الداخل مضغوطًا، وليس كلّ موجود في الخارج مرتاحاً، والعكس صحيح. ليس كلّ موجود في الداخل مُهادنًا للنظام وعميلاً، وليس كل موجود في الخارج ثوريّاً ونظيفاً، والعكس صحيح. بمنطق “الداخل” و”الخارج”، الكل خسران تقريبًا. السوريون الذين يعيشون في مخيَّمات اللجوء في لبنان والأردن يعتبرون “جماعة الخارج”، ولكن، أزعم بأنَّ ظروف المقيمين في وسط دمشق (“جماعة الداخل”)، وفي المناطق التي ما زالت تحت سيطرة النظام السوري (قصّاع، شعلان، مزّة، …) هي أفضل بكثير من ظروف المقيمين في مخيّمات اللجوء في لبنان والأردن (“جماعة الخارج”). كما أنَّ المقيمين في وسط دمشق داخل سورية، يُعتبَرون بالنسبة إلى المقيمين في ريف إدلب وغوطة دمشق، تماماً كـ”سوريي الخارج في أوروبا”. لأنّ الظروف الأمنية والعسكريّة في مراكز المدن والأرياف متباينة بشكل كبير. التقيتُ بكثيرٍ من اللاجئين السوريين في ألمانيا، وخصوصاً الأجيال الأقدم، يعيشون في ظروف صعبة، ولم يحصلوا حتّى الآن على أوراق رسميَّة، وهم يحسدون فعلاً المقيمين داخل سورية، ولم يكونوا سيخرجوا لو لم تتهدّم بيوتهم. طبعاً مع الاحترام الشديد لكل من بقي داخل سورية، في أي مكان، هذا خيار شخصي، وليس مجالاً للنقاش. 
مؤسف أن يتحوّل مكان الإقامة إلى اتهام.

(تضامن نوعيّ)
التجاءُ النساء إلى السلاح ليسَ مدعاةً للفخر، بل هو دليلٌ على أزمة سياسيّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة، وهو مؤشّر عن حالة حربٍ فقط لا غير. التسلُّح تسلُّح. والرصاصة بمجرَّد أن تخرج من الفوهة، لا تكترِث بهوية حامل السلاح الجنسية أو القومية، وكل الرصاصات لها نفسُ القدرة على القتل. هذا الغزل المزعج بالمقاتلات الأكراد من قبل مجموعة كبيرة من اليسار الغربي والنخبة الأوروبيّة السلميَّة هو مزعج وتبسيطي وسياحي، وهو مترافق، غالبًا، مع إهمال وتطنيش كافّة أشكال التسلح الأخرى في سوريّة، وخصوصاً المقاومات المحليّة كما في داريا وحمص في البدايات. نفاق أن تكون سلميّاً في مكان، ومحتفلاً بمسلّحات في مكان آخر.

(سرياليَّة) 
لا يوجد شيء أكثر سرياليَّة، وملخِّص لتاريخ السنوات الست الماضَّية، مثل هذا الخبر المنشور البارحة: “عائلة البوعزيزي قدمت لجوءًا إنسانيًا إلى كندا”.
دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسمي المدوّنات والمنوّعات. يمكن التواصل مع الكاتب عبر الحسابات التالية:

مدونات أخرى