سانتا سيعودُ محمّلاً بالحَكايا!

سانتا سيعودُ محمّلاً بالحَكايا!

29 ديسمبر 2017
+ الخط -
في نهاية كُلّ عام يحاول الأطفال أن يغلبوا النّعاس الذي يتسلّل إلى جفونهم ليلًا، وأن يظلّوا مستيقظين لأطول مدّة ممكِنة، منتظرين بشوقٍ سانتا كلوز أو بابا نويل، تلك الشخصية الخياليّة التي ارتبطت بإعلان نهاية كلّ عام، وبدءِ عامٍ جديد، فيعتقد الأطفال أنّ بابا نويل سيقوم بزيارتِهم؛ على عربة ثلجيّة قادِمة من الزّمن البعيد، من أجل توزيع الهَدايا عليهم، ووهبهم الحظّ السعيد، وهو شعورٌ جميلٌ وبريء ينتاب الأطفال.

أنا هذا العام سوف أنتظر قدوم الرّجل الضّحوك، صاحب اللّحية البيضاء، وعربة الهَدايا والأماني الجميلة، مع باقي أطفال العالم؛ لأقصّ عليه قصّة صغيرة، يَحملها إلى العالم، ويرويها لمن يزوره، سأطلب منه أن يخبر العالم أنّ هناك مكاناً طاهراً اجتمعت مختلف الأديان في رحابه، وسمّي أرضَ السّلام، وهو لا ينعم بالسلام، ولا يَنعم أطفاله بالسّلام، سوف أطلب منه أن يخبر من يزورهم أن هناك أطفالاً في فلسطين قبّلت جبينهم المآذن والكنائس، يحملون قلوباً نقية، وأيادي بيضاء ينثرون بها الزّهور، والحب للعالم، ويطلبون أن يعيشوا بسلام وأمان كباقي الأطفال، يحلمون أن يذهبوا إلى مدارسِهِم ويعودوا مِنها بدون حاجزٍ للتّفتيش، وبدون أن يزاحم الخَوف أو رائحة (الغاز السام) صوت دروسهم، وطيفَ لَعِبهم، أريد من سانتا إخبارَ العالم أن أطفال فلسطين مِن حبّهم للحياة زينوا جدار الفصل العنصريّ بلوحاتٍ فنيّة، وبرسائل تعاون وتشارك، بأغصانِ زيتون، وشمس، وحمامة سلام، إنّهم يؤمنونَ بالحياة رغم شناعة ذلك الجدار القبيحِ ولعنته، وينسجونَ من بقايا قنابل الغاز السام وقنابل الصّوت التي تلقى عليهم حبالًا ليقرعوا بها أجراس حقوق الأطفال في العالم، أريد من سانتا إخبار العالم عَن إبداع أطفال فلسطين، وكيفَ حصدوا أغلب الجوائز الإقليميّة والعالمية هذا العام رغم كلّ الظروف، وكانوا خيرَ سفير للنوايا الحسنة والمحبّة والتّحدي.

أريد منك يا سانتا أن توصل نداء أطفال فلسطين، أطفال العزّة، والصّمود والحب الذي ينثر بخطاه وطيبه العنبر من حوله، وأن تكون هذا العام رسولَ حبٍّ وسلام من أطفال فلسطين، لتتحدث بلسانِهم، وتنقل للعالم أنّهم ينشدون العيش في وطنهم الحر، بجانب جيرانِهم بلا ألمٍ أو خوفٍ أو اعتقال أو اختناق من رائحة غازٍ مسيلٍ للدموع، وقنابلٍ تقطف الرؤوس والقلوب، أريد منك أن تلتقط الصّور التذكاريّة مع الأسرى الفلسطينيين الأطفال، الذين يحملون صبر الأنبياء في سجون الاحتلال، فقد كانت تهمتهم حب الأرض، والسّعي للعيشِ الحُرّ الكريم، وعليكَ أن توصلها للأمم صاحبة الديمقراطياتِ في العالم، التي ترفع شعار حماية الأطفال، وحقهم في الحياة.

أريد أن أصطحب سانتا فجراً لنشاهد معاً كيف نور السماء يستأذن من مآذن وقباب مساجد وكنائس القدس ويستمد منها النور المبارك ليضيء الحياة للناس من حوله، ولكن الاحتلال وأدواته يفسدان ويُبطلان نور التسامح والسلام.

أرجو أن توصل رسالة أطفال فلسطين؛ لتكون حاضرةً مع كلّ جرس يقرعه راهب، أو صلاة يتلوها قسيس، مع كل أذانٍ أو إقامة ينادي بها الإمام في المساجد، مع كلّ ضحكة طفل، وفرحة أم، ونموّ زهرة؛ لأن أديان الله هي دعوة صارخة للبشرية كي تتعاون وتتسامح وتعمُر هذه الأرض.