ترويض سعودي للتنكر لفلسطين

ترويض سعودي للتنكر لفلسطين

03 نوفمبر 2017
+ الخط -
على أبواب نصف عام من الأزمة الخليجية، والمرارة التي عبّر عنها أمير الكويت، تتسارع خطى الانفصام فيما يتعلق بالقضايا العربية والإسلامية، وتحديداً قضية فلسطين. يمكن لقارئ مبررات المزايدة الإعلامية لدول الحصار أن يكتشف هذا التهافت، الفاقع في لون بعضه الخليجي أخيراً. جرى الخلط بين موقف الدوحة من العراق وإيران وإسرائيل دون أن يرمش جفن "أستاذ الدبلوماسية". فيما الواقع كشف انفجار التابو، فاضحاً كل الرواية.

 استحضار قول الشخصيات العراقية، المستقبلة في السعودية وأبوظبي، عن طلب الوساطة مع إيران يخبر ببعض الحقيقة. أحجام الانفصام الكارثي واضحة في استقبال شخصيات هددت بالوصول إلى مكة حرباً.

 والأهم، ربطاً بفلسطين، ثمة تكثف لخيوط دخان نار ينفخ فيها لتسويق غير العادي عادياً.

 ويبدو الفرق واضحاً بين استشعار كويتي لمخاطر تسويق التطبيع واندفاعة في الجوار لصنع وهم فصل القضية الفلسطينية عن حاضنتها العربية.

 من يتابع جوقة تسويق التطبيع، السعودي-الإسرائيلي، يشعر بأنه أمام لوحة تعود بنا إلى زمن شعار "القبض على الفرص"، قبل ضياعها. وما يعنيه ظهور أمير، بوزن تركي الفيصل، على قناة إسرائيلية، ليس اعتباطاً ومصادفة، بل تسويقاً للواقع وما سيتلوه. 

تتزايد أيضاً، في الوقت عينه، وتيرة جلد الذات في القضية الفلسطينية، عبر عنها أخيراً كاتب سعودي، سعود الفوزان، ومن ثم "محللون استراتيجيون". فحملة التغريب، والخجل من مواقف شعبية تؤيد عدالة القضية، تشير إلى حجم الارتباك في تقديم أوراق الاعتماد، ولو بنسف السياق التاريخي الإسلامي في الجزيرة العربية، وهو الذي لا يعنينا كثيراً الآن، ارتباطاً بواقع قهري.

 من ناحية أخرى، وعلى مستوى لا ينطق باسمه، كشف عادل الجبير عن تكثف دخان التسويق باعتبار "قطر قضية صغيرة"، مسقطاً مركزية قضية الأمة، بركاكة ارتجال أخرى، أشير إليها في شاتام هاوس، بما يخالف الوقائع.

تتبع سياقات التغريب، بتفوهات "الندم على كل قرش لدعم فلسطين"، وتكرار تصدر مشهد الدونية مع وسائل إعلام صهيونية، ونفي "الزيارة"، باتهام قطر بترويج أخبارها، لا الوكالات العالمية وتل أبيب نفسها، تشير وغيرها إلى مقصد بوصلة "اللبرلة" المأمولة بحرق المراحل، من بوابة "الأشقاء في تل أبيب"، على خطى السيسي. ولا يبدو أن هؤلاء مهتمون بانقلاب مؤتمرات شيطنة الدوحة عليهم، كما فعل معهد هدسون مؤخراً.

 النادمون، ومنهم  الفرحون بتسميتهم "ليبراليون"، على موقفهم من فلسطين، يكثفون ترويض العقل والدعوة لرفع المقاطعة. ويتغافلون عن أنه حتى في "الغرب الليبرالي" ثمة شعوب وساسة وكتاب وحركات، ممن تفهم متغيراتها التاريخية المكلفة والعميقة، ليست السطحية والمقلدة بعمى الزمن، تنادي بمقاطعة الاحتلال، لا مكافأته بالظهور على شاشته لاسترضائه، ثم رمي فتات "وعود بالتطوير" لانتزاع مكانة فلسطين من موقعها بين العرب، وتركها تجارة لـ"محور الممانعة" والعودة إلى "تقليع الشوك" ذاتياً.

أخيراً، ليس من عاقل لا يريد للسعودية أن تكون مطبعة مع ذاتها أولاً، ويحيا شعبها كما بقية الشعوب، بيد أن المذهل أن يكون مفتاح التغريب ثمنه ترويض الشعوب بخطاب التنكر لفلسطين، وتكشير الأنياب بوجه "الأشقاء في العائلة الخليجية".

دلالات