التعليم... رُقي الأمم أو انحدارها

التعليم... رُقي الأمم أو انحدارها

23 نوفمبر 2017
+ الخط -
يقاس مستوى التقدم ورقي أي أمة أو دولة بمستوى التعليم فيها، ومستوى ثقافة ووعي شعبها. ونرى كثيراً من الدعوات والمؤتمرات والندوات والورش، بين حين وآخر، تنطلق من تربويين ومعلمين في مناطق واسعة من الوطن العربي ترى بضرورة وضع حد لتدني مستوى التعليم، وتفشي ظاهرة الغش، فضلاً عن التغيير في المناهج المدرسية كل أربعة أعوام وفقاً لطائفة الوزير وحبه "لآل البيت، ومحبي الصحابة" وخصوصاً في العراق وهنا نتحدث عن عراق ما بعد الاحتلال عام 2003 لأن ما قبله يصعب علينا وعلى الجميع مقارنته بالتعليم الآن.

التعليم في هذه الفترة ومنذ سقوط النظام السابق شهد إخفاقاً كبيراً في مسيرته، ليُبعدَ العراق عن مؤشرات التعليم المتميز ووضعه بذيل القائمة؛ بعد أن كان من الأوائل فيها في يوم من الأيام؛ حاله حال باقي الخدمات، فكل من وزارة التعليم العالي ووزارة التربية خضعت "للمحاصصة الطائفية" فدخل التعليم في صراعها وأصبح "التعليم" بدلاً من أن يكون دافعاً ومؤشراً لتقدم البلد ساهم في تأخره فأصبحت الجامعات جواً "خانقاً" في بعض الأحيان للطالب وللتدريسي في مناهج متخلفة.


لم يُعد النظر فيها لخدمة المرحلة بالتخلي عن شعاراتها ومناهجها التي تكرس الطائفة إلى مناهج وطنية تحترم التعددية واحترام حقوق الإنسان في العراق متعدد الطوائف محدود الأديان، وظهور جامعات ومعاهد استعارت أسماء وشخوصاً دينية محترمه ولها سمعتها وشهرتها في البلد، استغلت الأبنية المدرسية ودعم بعض الأحزاب لتخريج الطلبة ومنحهم شهادات عليا على الرغم من ضعف المناهج فيها في ظل انعدام الرقابة كون الوزير المعني ينتمي لهذه الكتلة وتلك، بالإضافة لضعف الكادر التدريسي فيها، ناهيك عن تدني التعليم في المراحل الابتدائية في معاناة منها قلة الأبنية المدرسية.

انحدار التعليم له عوامله ومسبباته، حيث إن من يتسنم المنصب لا هم له سوى مكسب سياسي أو غاية مالية أو حتى يقال ابن محافظة كذا عمل لمحافظته كذا كذا وشكراً له.

فترة النزوح في العراق ما بعد 2014 كانت أكثر فترة حساسة بتاريخ العراق. إذ أراد القتلة والمارقون تجهيل جيل كامل وحرمانه من أبسط حقوقه في التعليم وبدل أن تساهم الوزارة بدعم التعليم والطلبة النازحين والوقوف عند احتياجاتهم اكتفت بفتح المدارس الكرفانية التي تفتقد لكثير من مقومات المدرسة العادية من مستلزمات دراسية وكادر يغطي العدد الكبير من الطلبة وهذا ما شاهدته شخصياً في مخيمات النزوح "حسن شامي، والخازر.

وعلى مدار العقود الماضية أثبتت التجارب والوقائع أن نهضة الدول ورقيها تكمن بإبعاد التعليم عن المحاصصة والحزبية والفئوية، وخير دليل على النجاح ما قامت به اليابان، حيث بدأت بالتعليم ووصلت لما وصلت إليه الآن.

وخير دليل على الفشل ما قامت به الوزارة ممثلة بالوزير في العراق، حيث أنهت أهم تجربة تعليمية في العراق بشهادة وفد وزارة الخارجية البريطانية والصحف الأميركية التي زارت المدارس ولاحظت المستوى العالي للطلبة رغم أنهم "نازحون"، وكذلك زيارات وزراء ونواب في الحكومة العراقية، إنها تجربة مدارس "الرصافي النموذجية" والتي حوت في أروقتها على مدار أربعة أعوام وجودها أكثر من خمسين ألف طالب وطالبة من كل محافظات العراق، لتصبح بحق عراقاً مصغراً، وبذلك يكون الوزير شرد الآلاف من الطلبة بحجج عدم اكتمال أوراقها القانونية، في وقتٍ تمتلك المؤسسة التي ترعى هذه المدارس كل الوثائق التي تؤكد قانونية هذه المدارس.

وهناك صور وفديوات توثق حضور مدراء تربية كل من الأنبار ونينوى لتلك المدارس لأكثر من أربع أو خمس مرات فكيف غير معترف بها ويزورها المسؤولون التربوين فضلاً عن وجود عشرات من أبناء النواب والساسة في تلك المدارس.

إن الاهتمام بالجانب التربوي، والحرص على ربط التعليم بالتربية، وترسيخ قيم المواطنة، فالعراقيون سواء أمام القانون، وفي تكافؤ الفرص، لا فرق بين عراقي وآخر إلا بكفاءته، وقدرته على تنمية مواهبه، وإثابة المصيب، وتنبيه المخطئ، واحترام مكونات الشعب العراقي والتي عاشت متضامنة متآخية، وقدمت حياتها من أجل إسعاد الشعب، وتطور "البلد" وهذا ما أكدته الكاتبة التربوية، صبيحة شبر، في مقالتها عن أسباب تدني مستوى التعليم وسبل علاجه.

07D307A2-B830-4C46-8993-BF50EB79F3A1
عبد اللطيف الزيدي

ماجستير إذاعة وتلفزيون، عملت في عدد من القنوات الفضائية والصحف.يقول: لا ترتجي خيرا ممن يعتبر رفع الصوت وسيلة للإقناع.