عن كركوك وإقليم كردستان

عن كركوك وإقليم كردستان

26 أكتوبر 2017
+ الخط -
- لحظة الاستفتاء كانت لحظة جماهيريَّة وشعبيّة وصادقة وعاطفيّة، وفعلاً فوق الانقسامات الحزبيَّة. في حين لحظة تحدّي المواجهة العسكريّة مع بغداد في كركوك، كانت لحظة انقساميَّة، أظهرت هشاشة الاجتماع الداخلي السياسي الكرديّ، وركاكة الإقليم كدولة مؤسسات، وضعف البشمركة كمؤسسة عسكريَّة. يشبه هذا، تقريبًا، لحظة الانتقال من اللحظة الثوريّة، حيث الشجاعة والمغامرة والاقتحام، واللحظة الانتخابيّة حيث ضعف التنسيق وقلّة الخبرة بالعمل السياسي، وذلك في كلّ الدول التي اندلعت فيها ثورات الربيع العربي، كمصر وليبيا وتونس وحتّى سورية. 

 
- مواجهة إيران وقاسم سليماني لا تكون بالشعارات والمزاودات. هذه إمبراطوريّة هائلة لديها مشروع كبير جدًا، تسيطر على 4 عواصم عربيَّة، وشاركت بفعاليّة بقمع ثورة شعبيّة مثل الثورة السورية. قاسم سليماني ليس مزحة، ومواجهة أيّ مشروع تكون بمشروع.


- حياديّة الولايات المتّحدة الأميركيّة يجب أن تكون درسًا قاسيًا. الأميركان يرونكم حلفاء تحت شروط معيّنة، وبدرجة أساسيَّة أدوات فعّالة في أيديولوجيّتهم السخيفة لـ"محاربة الإرهاب".


- بدون زعبرات مثل "صمود الشعب الكردي الأسطوري المقاوم". الإقليم لنْ يتحمّل الحصار الاقتصادي والعسكري. حركة حماس وقّعت مكرهة على اتفاق مع فتح وبرعاية إماراتيّة - سعودية وذلك بسبب الحصار المفروض على غزّة من 12 عاما. الأسد اتّبع استراتيجيّة "الجوع أو الركوع". النازيّة بجبروتها سقطت بعد حصار برلين. الحصار خطير، لأنه من الممكن أن يدمّر الأوضاع الاقتصاديّة، ويقضي على براعم الطبقة الوسطى الليبراليّة الكرديّة الناشئة، والمؤهّلة بالمناسبة، لأن تقوم بتغيير حقيقي ديمقراطي في الإقليم. 

 
- جمل مثل: "صمت قيادة الإقليم يرعبهم" أو "البارزاني عارف طريقه"، مضحكة يا جماعة، وشيء يذكّر بشعارات المؤيدين للنظام السوري. البارزاني في أزمة سياسية وتاريخيّة وهو مسؤول بدرجة كبيرة عن هذه النكسة.


- الأفضل فتح البلد فورًا أمام صراع ديمقراطي حقيقي، وإجراء انتخابات نزيهة وحرّة وشفافة، ومكافحة الفساد بالمطلق، والقضاء على هذا الانقسام العشائري السخيف بين عائلتي الطالباني والبارزاني. وعلى البارزاني أن يقدم استقالته، أمّا عبارة: "ما البديل"، فهي عبارة سمعناها في تونس ومصر وليبيا وسورية والبحرين، يعني عبارة قديمة جدًا ولا معنى لها، في ملايين الأكراد في العراق، كيف يعني ما في بديل؟


- حلّ المشكلة مع بغداد بالحوار والتفاهم أفضل من إزهاق قطرة دم واحدة، العراق بلد تعيس وقتل فيه الملايين، ولا تنقصه المزيد من الويلات، وحتّى الآن، باعتقادي، خيار البقاء في عراق ذي سيادة خال من الهيمنة الإيرانيّة، وديمقراطي حرّ اتحادي، أفضل من خيار الاستقلال، هذا لا يتحقّق سوى بالحوار.


- الطرف الكردي الذي وقع اتفاقاً مع إيران، هو طرف عديم المسؤوليّة الأخلاقية والسياسية والتاريخيّة، ولم يكن شفافاً وعلنياً مع الناس.


- الهزيمة في كركوك، لا تعني أنّ القضية الكرديّة غير عادلة. الثورة السوريّة هزمت عسكرياً وهي عادلة. والفلسطينيون خسروا كثيرًا في نكسة 67، وما تزال قضيّتهم من أعدل القضايا على وجه الأرض. الهزيمة العسكرية لا تمس عدالة القضايا.

دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسمي المدوّنات والمنوّعات. يمكن التواصل مع الكاتب عبر الحسابات التالية:

مدونات أخرى