الفوتبول والرأس المفلطح

الفوتبول والرأس المفلطح

20 أكتوبر 2017
+ الخط -

نالتْ ألعاب الكرة حقها من الاهتمام والشهرة على نحو مبكر بين أفراد المجتمع السوري، على الرغم من أن اللاعبين الهواة القدامى كانوا يطلقون اسماً موحداً على كل الكرات التي كانوا يلعبون فيها، هو (الفاطبول) الذي اشتقوا اسمه من الكلمة الإنكليزية المعروفة (football)، وبعضهم حَوَّروا الاسم إلى كلمة عجيبة هي (السَّاطبول)! 

وكان بين هواة لعب الساطبول في بلدة "معرتمصرين" شاب قصير، مدعبل، ذو رأس كبير ومفلطح يدعى (عمران)، طريقتُه في اللعب لا يمكن أن يوجد مثلها في أي مكان من العالم، فحينما كان يلعب بالكرة الطائرة، مثلاً، كان يقف في الطرف الأمامي الأيمن من الملعب، وكلما اقتربت منه الكرة (الساطبول) يضرب رأسَهُ، على نحو تلقائي، بالعمود الحديدي الذي يحمل الشبكة، ثم يصيح (عاااا) ويرتفع في الهواء ويكبس الكرة إلى الملعب الآخر، وغالباً ما كان يوقعُ واحداً أو اثنين من اللاعبين الذين يتصدون لها.

ويمكن للقارئ الحصيف أن يتخيلَ المباراة التي يشترط بمن يريد الفوز فيها أن يحصل على ثلاثة أشواط من أصل خمسة، ويقدِّرَ عدد المرات التي تسنح لعمران لأن يضرب رأسه بالعمود الحديدي!

وحينما تنتهي المبارة كان اللاعبون، من الفريقين، يستعرضون رأسه، ويدورون حوله من كل الاتجاهات، فلا يعثرون فيه على جرح، أو رضّ، أو كدمة.. فيوقنون أنهم أمام أعجوبة من أعاجيب الدهر!

اللعبة الثانية التي عشقها صديقُنا عمران هي كرة السلة، وقد راقت له لأن كرتَها (ساطبولها) أكبر من الساطبول الخاص بالكرة الطائرة، وعملية حملها باليدين، والاحتفاظ بها، ونقلها من مكان لآخر فيها، على حد تعبيره، شيءٌ من البلادة الحلوة التي تجعل الخصم يلجأ إلى العرقلة، فيصفر له الحكم ويعاقبه.. يعني باختصار: إذا كنت بليداً كفاية تستطيع أن تطقق خصمك من الغيظ، ومن ثم يبرد كيدُك.

مدرب فريق السلة، الأستاذ عبدو، اعترض على انضمام عمران إلى الفريق، باعتبار أنه قصير، وهي لعبة تحتاج إلى رجال طوال، ولكن عمران هدد بسرقة (الساطبول) وحرمان الجميع من اللعب، فأذعن الأستاذ، وأدخله إلى الفريق.. وفي أول تدريب له، قفز عمران قفزة وصل بموجبها إلى السلة (البانييه)، وهوى على الأرض، وإذا بعمود السلة الكبير يقع عليه!

قال الطبيب الذي أسعفه يومها: 

- من حسن الحظ أن العمود نزل على رأسه! فلو نزل في أي مكان آخر، لكان آذاه كثيراً!

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...