كتابات عن الرئيس

كتابات عن الرئيس

12 أكتوبر 2017
+ الخط -
في 2017 الجاري، ظهر كتابان حول الرئيس التونسي الحالي، الباجي قائد السبسي، أولهما في آذار/ مارس بعنوان "الباجي قائد السبسي.. المشي بين الألغام" لـ منذر بالضيافي (ورقة للنشر)، والثاني صدر في أيلول/ سبتمبر بعنوان "المانفستو: النداء الأخير إلى الباي الكبير" للصافي سعيد (منشورات سوتيميديا).

قد يكون ذلك مؤشراً على تطوّر ما في الكتابة السياسية، ومنها هذا الفرع المتعلق بالكتابات حول الرئيس، فمن النادر أن نشهد كتابات عن رئيس تونسي زمن حكمه، وكانت معظم الأعمال التي أتت لاحقة أقرب إلى كتابة انفعالية؛ بين نبرة تمجيدية كأغلب ما كتب عن حبيب بورقيبة، أو هجائية كما في أكثر الكتابات عن زين العابدين بن علي.

بالنسبة للصافي سعيد، يمكن تصنيف جزء من مؤلفاته تحت خانة أدب الرئيس، وما يلفت ضمن هذه الأعمال هو تنويع أشكال الكتابة، فـ "بورقيبة.. سيرة شبه محرّمة" (2000، دار رياض الريس) كان بيوغرافيا موسّعة اعتمدت على تقنيات التحقيق الصحافي. وبعد أيام من سقوط بن علي، صدرت "سنوات البروستاتا" (2011، منشورات عرابيا) التي ترسم سيرة الرئيس في شكل رواية. أخيراً، أتى سعيد بكتاب "رئاسي" ثالث حول الباجي قائد السبسي، مستدعياً هذه المرة شكل الرسالة.


يتيح هذا الشكل أن يكون الرئيس مخاطَباً (تبدأ كل الفصول بديباجة: سيادة الرئيس)، غير أن الخطاب لا يبدو موجّهاً إليه، فمعظم ما يقوله المؤلف/ المتحدّث هو مما لا يحب أن يسمعه الرئيس.

يمكن لقارئ أعمال الصافي سعيد أن يجد آثار كتابات قديمة في العمل الجديد، أكثرها مستمد من كتاب "المعادلة التونسية" (2014) وهو عمل صدر قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تونس، والتي كان كل من سعيد والسبسي مترشّحين فيها، حتى لكأنّ "المانفستو" أتى لتمرير أفكار "المعادلة" في صياغات جديدة، وهكذا كان يفعل الرياضيون؛ يأتون بصياغات أخرى لتطويع معادلاتهم على مقاسات الوضعيات التي يشتغلون عليها.

أما النقطة الإيجابية التي أتاحها شكل الرسالة، فهو ما فيها من "فضفضة" حول تونس وشؤون حكمها ومستقبل شعبها، بما في ذلك من ذهاب أبعد في قول ما يعتمل في النفوس ومن رغبة في قول الحقائق. وفي تونس كثيراً ما بدت هذه الحقائق، السياسية على وجه الخصوص، ملقاة على قارعة الطريق ولكن لا أحد يأتي فيدوّنها أو يوثقها في شهادة.


كتاب منذر بالضيافي يأتي في أطر ومن زوايا أخرى، فهو يعتمد على لقاءات شخصية مع الباجي قائد السبسي، وبذلك تنقلب الآية فيكون الرئيس منطلق الخطاب، مع انقلاب آخر يتعلقّ بالحمولة التمجيدية التي تتخلّل العمل والتي أتى سعيد بنقيضها في كتابه، فثمة مستقبل مشرق مع السبسي في كتاب "المشي بين الألغام"، وثمة مستقبل متردٍّ، وفي أحسن التوصيفات مجهول، في "المانفستو".

  لكن ما يجمع بين الإصدارين هو أن القارئ قد يجد أن الباجي قائد السبسي يكاد يغيب في كلا العملين كشخصية محكمة البناء؛ فلا نجد سوى ضربات فرشاة سريعة لرسم ملامحه ثم الذهاب بسرعة إلى أهداف أخرى. ببساطة، في   كلا العملين هو الرئيس لا غير، ومن الرئيس غالباً لا نهتم سوى بكونه جالساً في كرسيّ الرئاسة.

دلالات