تطهير عرقي من فلسطين إلى العراق

تطهير عرقي من فلسطين إلى العراق

05 ديسمبر 2016
+ الخط -

استلهم بعض قادة العرب فكرة "التطهير العرقي" من الاحتلال الإسرائيلي. هكذا وبكل سهولة يصبح صاحب الأرض لاجئاً في جغرافيا أخرى. ولعل المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، فضح ما يكفي من خطط مسبقة وآلية تنفيذ الحركة الصهيونية بعصاباتها لطرد أهل الوطن من بيوتهم وبياراتهم.


في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" الذي صدر عام 2006، يشرح بابيه بالتفصيل قيام الحركة الصهيونية بتطهير فلسطين عرقياً، ويؤكّد أن التطهير لم يحصل بسبب مقاومة الفلسطينيين قرار التقسيم عام 1947 ورفضهم له، وإنما هو نابع من أسس الفكر الصهيوني حيث وضعت الخطط لذلك منذ البدايات، بهدف خلق قلعة يهودية صافية عرقياً مع بدء حربهم عام 1948.


قصة النكبة معروفة لأهلها وللأجيال الفلسطينية المتلاحقة، وعلى الرغم من كل محاولات اقتلاع الفلسطيني من أرضه، لا يزال يقاوم ويتحدى المحتل بوسائل متعددة، ويكفي أن مليوناً ونصف مليون فلسطيني يعيشون في أرضهم التاريخية، وإن لم يكن في البلدات والقرى الأصلية.

في المقابل، فإن قصصاً عربية كثيرة تُكتب في الأعوام الأخيرة غير معروفة الأهداف. فماذا يسمى ما حصل في ديالى وتكريت وبيجي ومناطق عراقية كثيرة؟ وقد اتهمت منظمة العفو الدولية قوات حكومية عراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" بارتكاب مجازر وعمليات تطهير عرقي، بحق أهالي تلك المناطق، تصل إلى حد جرائم الحرب.


وبماذا يمكن أن نعرّف ما حصل في القصير السورية، ومنع أهلها من العودة، واستخدام الأرض لاستعراض قوة "حزب الله"، وتوجيه رسائل سياسية وعسكرية. وكيف يمكن وصف ما حدث في القلمون وريف حمص وبعض مناطق ريف دمشق، لا سيما في منطقة السيدة زينب؟

كذلك، جرائم الحرب في حلب يمكن وضعها في إطار التمهيد للتطهير العرقي والسيطرة على الجغرافيا. ومن لا يموت يمكن الاتفاق معه لترك أرضه وبيته والذهاب الى إدلب، أو شقيقاتها
. هذه ليست اتهامات، إنما أدلة على التغيير الديمغرافي الواضح.

وربما ما يحصل في اليمن، وآخره في تعز، ليس بعيداً عن فكرة التطهير العرقي، إذ اعتمدت جماعة الحوثي أسلوب الطرد والقتل لتطهير كل المناطق التي سيطرت عليها، حتى وصلت إلى صنعاء.


لعل الخطير في موضوع التطهير العرقي هو البعد الديني، لا سيما في ظل الحديث عن تقسيم جديد لمنطقتنا العربية على أسس طائفية ومذهبية. يبقى الرهان أن "القوة"ستتبدّد مع الوقت.. وأهل الأرض أصحاب حق، مهما طال الفراق..

 

 

 

صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.