فاشيون عرب في أوروبا

فاشيون عرب في أوروبا

25 ديسمبر 2016
+ الخط -

ما رأيك عزيز القارئ بعربي، مر على ما يسمى "اغترابه" عقد أو اثنان، يدلف مسرعا نحو رفاقه الجالسين وهم يلطمون اغتيال السفير الروسي في تركيا وهو يخفف من "آلامهم" بنقل تهكمي لمشهد التهجير في حلب والباصات الخضراء؟ 


وما رأيك بمتأفف من مشهد السوريين، ليس في بيروت حيث الرواية أوجع بكثير، بل في أوروبا، حيث يُتهكم على لهجتهم ولجوئهم بل وحتى سرعة انخراط بعضهم في مشاريع نشر "البرازق" و "البقلاوة" اللتين كان يحملهما صاحبنا معه كلما زار "الشام مزهوا"...

هؤلاء، يقول صديقي العزيز بأنه يشفق عليهم... وهو يقصد المتأففين من مشهد يذكرهم بالحقيقة التي ينكرون... لكنني هذه المرة لا أشفق على عقل يمر بآلاف المتظاهرين، غربيين وغير غربيين ومعهم سوريون، يشعلون المشاعل والشموع تضامنا مع شعب يقتلع من أرضه وتحرق ذكريات حياته من مهد أجداده إلى لحدهم "الغريب"...

أيضاً مهلاً...

ماذا تظن يدور في نقاش حفلات سمر "هم" "الثقافي"، أي والله يصنف هؤلاء أنفسهم "مثقفون": شويعر وهتيف ومحلل سياسية وعسكري ترك الساحة منذ 23 سنة، يظن نفسه أنه كل ليلة ينفض غبار معركة عن شعره... إنه نقاش قد لا يروق لك... أو تظنني أخترعه...

أفي هذه الغربة من يكره أبناء عروبته لأنهم يذكرونه بسبب تهجيرهم؟ ويفتش بين كومة قش عن مسلة "هارب من داعش" ليثبت بأن "حبيبه" بريء من دماء يوسف السوري والفلسطيني؟

نعم...

قلت لصديقي الغزي: لماذا يحسب هؤلاء أنفسهم على العرب ويساره؟ وبعضهم بالكاد يدري ما يدور حوله في كانتون الغربة هذه... بل لماذا لا ينضمون إلى أحزاب التطرف الغربي و"يخلصوننا" من حكاية ترفعهم وشكواهم الدائمة من الذين "لاحقينا لهون"؟

جرّب ذات يوم إيراني، الانتظام في حزب عنصري متطرف في الدنمارك... بقرف وتحت طائل القانون الذي يمنع التمييز، قبلوه لفترة ثم ركلوه خارج الحزب لأنه جاء ليزايد عليهم بفاشية غريبة... عن ناسه والناس الآخرين... وكانت العنصرية ما تزال حينها مغلفة غير واضحة قبل 3 عقود إلا قليل...

أيضا مهلا...

ما رأيك الآن بهذه الفاشية العجيبة؟

يدخل على رفاقه ويفرك يديه من برد في خارج غرفة التسامر يوم مقتلة برلين، المدانة بالتأكيد من كل من يحمل قليلاً من العقل والمنطق... ثم يفرحهم بخبر: "صاروا ثلاثة قتلى..." قهقهة وهو يرفع كف يده ضاماً إصبعين... ومن هم الثلاثة؟

إنهم ضحايا هجوم إرهابي آخر وقع على مركز إسلامي في زيورخ السويسرية...

ترى من يصدق أن عربياً في الغرب يشعر بكل هذه الغبطة لمقتل بشر، أيا كان انتماؤهم وديانتهم وهم مدنيون لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بكل هراء التبرير القائم على كراهية ليس إلا...

حين قام فاشي إرهابي كأندرس بريفيك قبل أكثر من 4 أعوام بمذبحة ضد شبان وشابات في معسكر نرويجي، حزن الجميع حزنا حقيقيا...

حين قتل قبل فترة شرطي من قبل تاجر حشيش حزن مجتمعه والناس العاديون، وجمعوا لزوجته وأطفاله ما يكفي لضمان مستقبلهم...

التضامن مع الضحية ليس اختراعا، ولا يمكن لمن يعتبر نفسه ضحية أن يتشفى بالضحية الأخرى، إلا إذا كان من حيث يدري أو لا يدري، يعاني من مرض منتشر في غربتنا هذه... كأن يتنعم البعض بالديمقراطية مزهوا ببطاقة التصويت لانتخابات... ولو لمنصب إدارة شركة سكن... ثم تراه يكذب البشر الآخرين الذين جاءوا يشكون له كعربي الظلم الذي عاشوه...

أتلك سفالة الفاشية العربية في الغرب؟

صورها أوسع وأوضح من تلك الصورة البسيطة عن فرح لحصد أرواح مسلمين في زيورخ، وتأفف من وجود سوريين وفلسطينيين سوريين... بين "مثقفي الزمن الأغبر"... الأمر لا علاقة له بما يسمونه "تغرب"... بل بالأصل ضمور في نمو عقل لا يخرج عن محددات "الحب والكراهية" في الموقف من الآخر العربي... فكيف لو كان مسلماً...؟