إرهاب برعاية دولية

إرهاب برعاية دولية

15 ديسمبر 2016
+ الخط -




تستطيع أن تقتل وتهجر شعباً بأكمله وتبقى في الحكم لأن دولة عظمى اسمها روسيا تدعمك، والعالم سيتفرج، ولن يخجل.


تستطيع أن تحرق آلاف المعتصمين في خيامهم وأن تقود انقلابًا على رئيس شرعي، وتزج به في السجن، وتحكم بعدها 80 مليون مصري بقوة السلاح، وسيصفق لك العالم، وسيتعامل معك كرئيس شرعي للبلاد.


تستطيع أن تشكل مليشيا مسلحة بدعم إيراني، وتقتل الأبرياء من النازحين في الفلوجة والموصل، وسيصدر لك بعدها قرار بدمج مليشياتك في الجيش، تحت مبرر "محاربة داعش" وسيكون العالم سعيداً بك.


تستطيع أن تتزعم جماعة مسلحة وتسميها أنصار الله (الحوثيين) وبدعم إيراني أيضاً، وتجتاح بعد ذلك المدن اليمنية، لتقتل سكانها، وتحاصر الحكومة الشرعية ورئيسها، وتستولي على الحكم، بل وتحكم البلاد متحالفًا مع رئيس خلعته ثورة شبابية من الحكم، وسيتعامل معك العالم كحاكم بالأمر الواقع، وسيدخلك في مشاورات مع الطرف الشرعي لأشهر وربما لسنوات.


تستطيع أن تقتل وتشرد وترتكب كل أشكال الإرهاب بحق شعبك ولن يسميك العالم إرهابياً بل على العكس ستكون من محاربيه!


هل تعتقدون أن ما كتب أعلاه خيال؟ وأن ذلك لا يمكن أن يحدث في ظل قوانين العالم وأنظمته؟ اعتذر منكم، ولكن كل ما كتب أعلاه يحدث واقعاً وبصورة أبشع ممّا كتب.


نعم.. أصبح بمقدورك أن تحشد حولك آلاف المقاتلين وتكسب ود إحدى تلك الدول العظمى، لترتكب بعدها كل الفظائع والمجازر ولن يحاسبك أحد، بل على العكس ستكون محل احترام العالم وفي أقصى الحالات ستكون في تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية أحد أطراف الصراع!


بمقدورك كحاكم دكتاتوري أن تحكم مدى الحياة، نعم ليس هناك مبالغة في الأمر، ستحكم شعبك مدى الحياة وإن ثار عليك شعبك وطالب بتداول السلطة، كما يحدث في بلدان العالم العظمى، ستقتله وتسجنه وتهجّره، يحدث ذلك في سورية واليمن، وفي مصر!


ستقولون إنه في دولة النظام والقانون من يقوم بالقتل يحال إلى المحكمة ثم ينفذ بحقه الحكم الذي يقره القضاء، نعم بالتأكيد هذا ما يحدث، لكن هذا الأمر ينطبق على طبقة المواطنين فقط وليس على طبقة الحكام في القرن الواحد والعشرين.


تقول الدول العظمى لمواطنيها إنها تحارب الإرهاب والتطرف القادم من الشرق الأوسط، وذلك من خلال دعم الأسد في سورية، وحفتر في ليبيا، والحوثي وصالح في اليمن، رغم أن هؤلاء جميعاً، هم بنظر القانون الدولي، إرهابيون ومن المفترض أن تتم محاربتهم أيضاً!


إن دعم الدول العظمى للفوضى وتشجيعها سينتج عنه ظهور عشرات السفاحين والقتلة في عموم الكوكب.


فدعم روسيا لسفاح سورية جعله يقتل بدون خوف من المحاسبة، فراح يُمطر أهل حلب بالبراميل المتفجرة ليلاً ونهاراً، فكيف لقاتل أن يخاف من الحساب والدول التي يمكنها أن تحاسبه تدعمه في قتل شعبه!



يتكرر ذلك السيناريو الدموي في ليبيا والعراق واليمن ومصر، وبين كل هذه الدول رابط مشترك للقتل والعنف اسمه "الرعاية الدولية للفوضى".


العنف لا يولد إلا عنفاً، والإرهاب لا ينتج عنه إلا إرهابًا، وعلى شعوب الدول العظمى أن تعلم أن حكامها يقومون بذلك الفعل المشين، وعليهم أن ينتفضوا في وجوه هؤلاء الحكام لحماية مستقبل أطفالهم من خطر رعاية حكامهم للإرهاب ومساعدة الشعوب الأخرى في القيام بنفس الأمر.

صدام الكمالي
صدام الكمالي
صحافي يمني. سكرتير التحرير المساعد في موقع "العربي الجديد". معد ومقدّم بودكاست "مواكبة".