يحدث في أمريكا فقط (5)

يحدث في أمريكا فقط (5)

04 يناير 2021
+ الخط -

في بابها الأسبوعي (فقط في أمريكا) الذي ينشر في كل أسبوع الأخبار التي لا تسلط عليها وسائل الإعلام الضوء الكافي برغم غرابتها ودلالاتها، نشرت مجلة (The Week) في طبعتها الأمريكية الأخبار التالية والتي يمكن أن يحدث بعضها في غير أمريكا، لكن اختيار العنوان نفسه له دلالة تتعلق بالتصورات الشائعة لدى أغلب الأمريكيين عن بلادهم وكيف يجب أن يكون عليه شكل الحياة فيها، أترككم مع مجموعة جديدة من تلك الأخبار:

ـ قام ضابط شرطة سابق في مدينة هيوستن بولاية تكساس بإلقاء القبض على فني أجهزة تكييف واحتجازه بشكل غير قانوني لأنه اعتقد خطئاً أنه يقود شاحنة محملة بحوالي 750 ألف صوت انتخابي مزور لمصلحة الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن، وهو اعتقاد لم يأتِ فجأة بل بعد أن قام ضابط الشرطة السابق ـ الأبيض طبعاً ـ بمراقبة الفني لاتيني الأصل لعدة أيام، فاقتنع أنه جزء من المؤامرة التي تدبر في أنحاء متفرقة من البلاد لمنع إعادة انتخاب ترامب، ولذلك قرر إيقاف سيارته وطلب منه أن يخرج منها وينام على الأرض لكي يقوم بتقييده، وفيما كان المواطن اللاتيني الغلبان يعتقد أنه ضحية للص يرغب في سرقة سيارته، كان الضابط السابق يسابق الزمن لكي يزف خبر انتصاره إلى زملائه في مجموعة تضم 20 شخصاً نذروا أنفسهم لإحباط سرقة الانتخابات من ترامب، وتلقوا من أجل ذلك مبلغاً قدره 266 ألف و400 دولار دفعه مركز جمهوري يضم العديد من المهووسين بترامب ويحمل عنوان (مركز الحرية من أجل الله والوطن).

ضابط الشرطة السابق مارك أنتوني قال إنه لم يخالف القانون لأنه قام بعمل ما يطلق عليه Citizen Arrest أو "قيام مواطن بإلقاء القبض" وهو ما يسمح به القانون في عدد من الولايات إذا كان هناك ما يمثل خطراً داهماً على مواطنين آخرين، وهو الخطر الذي شعر مارك أنه موجود في حالة فني التكييف ديفيد لوبيز زونيجا الذي ظن أنه العقل المدبر لخلية إسقاط ترامب، وحين فتح صندوق سيارته لم يجد الأصوات المزورة التي كان يبحث عنها، بل وجد قطع غيار لأجهزة تكييف وعدّة شغل وبعض الأسلاك، ومع ذلك لا يزال مقتنعاً أنه لم يخطئ وأن مواصلة التحقيق في القضية ستثبت أن ديفيد جزء من مؤامرة واسعة أطاحت بترامب من البيت الأبيض.

ـ في الوقت نفسه قام أحد مؤيدي ترامب من رجال الأعمال برفع دعوى قضائية على تجمع جمهوري مناصر لترامب يحمل عنوان (صدِّق التصويت)، طالب فيها باستعادة تبرعات قدمها بقيمة 2 مليون دولار ونصف مليون دولار، وقال إن قادة ذلك التجمع تعهدوا بفضح الأصوات المزورة التي منحت التفوق لجو بايدن، وضبط آلات التصويت المزورة، وحصلوا منه على المبالغ التي دفعها لكي يمولوا تلك العملية، لكنه فوجئ بعدها بقيامهم بسحب الدعاوى القضائية التي رفعوها في 4 ولايات، وحين طلب منهم استعادة أمواله، لم يمنحوه إلا "ردوداً غامضة وكلاماً فارغاً وتعهدات جوفاء بمواصلة التحدي القضائي لإبقاء ترامب على الكرسي".

في سان فرانسيسكو أيضاً حظرت المدينة على سكانها التدخين في منازلهم إلا إذا كانوا يدخنون الماريجوانا

ـ في تطبيق جديد "لانج" من نوعه لثقافة احترام الأقليات، طلبت جامعة كورنيل من جميع طلابها أن يحصلوا على تطعيم ضد الأنفلونزا، لكنها استثنت فقط الطلبة من أبناء الأقليات، وفي تبرير لذلك القرار قالت إدارة الصحة في الجامعة إن "أجساد الأمريكيين السود والسكان الأصليين لأمريكا والملونين بشكل عام كانت تستغل تاريخياً من أصحاب السلطة والحظوة لمكاسب مادية أو بغرض التجريب الطبي ولذلك يمكن أن يشعروا بأن تطعيم الأنفلونزا يمكن أن يكون مثيراً للشبهة أو به شبهة استغلال ما، ولذلك يمكن أن يتم اعفاؤهم من هذا التطعيم الإجباري على غيرهم".

ـ برغم أن أغلب المدارس الأمريكية تتبع منذ أشهر إجراءات التعليم عن بعد وتمنع الحضور إلى المدارس إلا في حالات محددة، إلا أن تدريبات التعامل مع إطلاق النار الجماعي لا زالت تمارس في الكثير من المدارس، ويتلقاها الطلبة في منازلهم عبر الإنترنت، وهو ما اشتكى منه العديد من أولياء الأمور الذين قالوا إن إجراء تلك التدريبات يزيد أبناءهم المحبوسين في المنازل ضيقاً واضطراباً. في الوقت نفسه لا يمكن إنكار أن واحدة من أبرز حسنات وباء كورونا اللعين كانت تقليصه لحوادث إطلاق النار الجماعي في المدارس والجامعات، حيث كان شهر مارس 2020 هو شهر مارس الأول الذي لا تقع فيه حوادث إطلاق نار في المدارس منذ عام 2002.

ـ أعرب نصف أعضاء مجلس مدينة ميلتون بولاية فلوريدا عن معارضتهم لتنصيب عمل فني في أحد ميادين وسط المدينة، لأنه يحمل شعار "مدينة موحدة"، معتبرين أن الشعار يحوي "مضامين ليبرالية"، وطبقاً لما قاله أحدهم فإن "كلمة موحدة لم تعد مثلما كانت قبل عام مضى، ولم أعد أثق فيها الآن". 

ـ قرر مجلس إدارة مدارس مدينة سان فرانسيسكو إعادة تسمية مدرسة إبراهام لينكولن الثانوية، لأن الرئيس السابق الشهير بلقب "محرر العبيد"، لم يكن جاداً في الاهتمام بحياة السود كما ينبغي، وفشل في مساعدة السكان الأصليين لأمريكا، وأعلن المجلس أنه سيقوم بإعادة تسمية حوالي 44 مدرسة ومركز تعليمي، من بينها مدارس تحمل أسماء توماس جيفرسون وبول ريفيري وجيرمايا جيفريز، وقال رئيس اللجنة المختصة بإعادة التسمية في تبرير ذلك القرار: "لا يأتي إلا الخير من التخلص من أصحاب الأسماء المثيرة للمشاكل".

ـ في سان فرانسيسكو أيضاً حظرت المدينة على سكانها التدخين في منازلهم إلا إذا كانوا يدخنون الماريجوانا، كان القرار الأصلي الذي أصدرته المدينة بمنع التدخين في المنازل يهدف إلى تقليل أضرار التدخين السلبي، لكن بعض الناشطين الذين دعموا من قبل إباحة تدخين الماريجوانا نجحوا في عمل حملة لاستثناء الماريجوانا من القرار، مجادلين بأن تدخين الماريجوانا لا يزال ممنوعاً في الأماكن العامة، حيث يسمح بتدخينها فقط في المنازل والشقق، وهو ما سيؤدي إلى الكثير من المشاكل لو قامت الشرطة بالقبض على أو تغريم من يقومون بتدخين الماريجوانا في الساحات والشوارع، ولذلك تم تعديل القرار منعاً للمشاكل، ولعل ذلك يقنع الكثير من المدخنين بالتحول من التبغ إلى الماريجوانا حفاظاً على وقتهم ومزاجهم وسلامهم النفسي.

ـ في الوقت الذي تكتظ فيه مستشفيات ولاية أريزونا بالمرضى المتضررين من فيروس كورونا المستجد، وبالأخص من كبار السن، قررت حكومة الولاية أن تطلق حملة إعلانية تكلفت 4 ملايين دولار لتنشيط السياحة في الولاية، مستهدفة بالأخص سكان ولايات الغرب الأوسط المتضررين بقوة من الوباء والراغبين في ترك ولاياتهم المتأزمة وتغيير الجو، دون أن يلقي حاكم الولاية ومساعدوه بالاً لاعتراضات الأطباء والخبراء الصحيين الذين رأوا أن ما تحتاجه الولاية هو دعوة جميع القادمين من خارجها إلى أن يعودوا إلى منازلهم ويلزموا الحذر.

ـ قامت أسرة عامل في أحد مصانع تعليب لحوم الخنزير بولاية أيوا برفع دعوى قضائية على إدارة المصنع التي تسببت في وفاة العامل متأثراً بإصابته بفيروس كوفيد 19، وجاء في أوراق الدعوى شهادات تؤكد أن عدداً من مسئولي المصنع قاموا بعمل رهانات على عدد العمال الذين سيصابون بالفيروس، في نفس الوقت الذي أجبروا فيه العمال المرضى على أن يحضروا إلى العمل وإلا تم فصلهم. في تصريحه للصحافة لم ينكر رئيس مجلس إدارة الشركة التي يتبعها المصنع ما جرى وتعهد بما أسماه "تخليص الشركة من مثل هذه السلوكيات المزعجة".

ـ في مدينة لينكولن كاونتي بولاية تينيسي الجنوبية التي يشهد فيروس كورونا فيها انتشاراً كبيراً بين المواطنين، قال عمدة المدينة بيل نيومان إنه ينتظر موافقة من "الروح القدس" قبل أن يتخذ قراراً بفرض ارتداء الكمامات على جميع المواطنين، برغم إن العمدة أقر بأن الفيروس حقيقي ويمثل خطورة كبيرة وأن ارتداء الكمامات سيقوم بمنع انتشار الوباء، لكنه في الوقت نفسه قال إن صلواته ودعواته التي تطلب التوجيه من السماء لم يتم إجابتها بعد لكي يقوم باتخاذ القرار.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.