هل يعود اللاجئون السوريون؟

02 فبراير 2025
+ الخط -

تقول الأخبار القادمة من تركيا: إنّ السوريين بعد سقوط النظام واجهوا مشكلة حقيقية ومصيرية لم يكونوا يفكرون بها أبدًا! وهي قضية اللغة العربية التي قد تشكل عائقًا كبيرًا أمام انخراط أبنائهم وبناتهم في المدارس السورية بعد عودة العائلات إلى سورية.

يبدو أنّ الأبد لم يكن مجرد شعار مرتبط وملتصق بالنظام المخلوع، بل قد تكرس عميقًا في وجدان وقناعات السوريين والسوريات جميعًا وخاصة اللاجئين منهم.

يمكن القول: إنّ غالبية السوريين اكتشفوا فجأة أنهم قد تعاملوا بخفة بالغة مع مشاكل العمل وتعلم اللغة وهو ما يسمى اصطلاحًا بالاندماج. وهي في الحقيقة ليست مشاكل! بل شروط طبيعية للعيش في أي مجتمع جديد. لكنها تحولت إلى مشاكل بسبب الضعف الأصيل المتراكم منذ الولادة في عملية اكتساب اللغة والتعلم وخاصة اللغات الأجنبية، وقد تحول هذا الضعف فعليًا إلى قصور معرفي يعاني منه سوريو الداخل والخارج معًا، لكن عدم الحاجة للتعامل به في الداخل يخفف من حجم المشكلة.

فجأة، وجد السوريون أنّ أمامهم فرصة للعودة أو لمجرد الزيارة، بشكل اطلاعي، جزئي، مؤقت أو دائم لا فرق! لكن الحصول على الجنسية يتطلب معرفة لغوية محددة بمستوى مفروض لا يمكن تجاوزه.

يبحث نبيل حاليًا وبلهفة شديدة عن مركز لتعليم اللغة الألمانية، مؤهلاته اللغوية شحيحة جدًا ولا تؤهله للعبور والنجاح في امتحان اللغة، كما أنّ زوجته الخمسينية بدأت بالتفتيش عن عمل بعد مرور ثماني سنوات على إقامتهم في ألمانيا معتمدين فقط على راتب الإعانة أو الجوب سنتر كما بات متداولًا بين السوريين.

السؤال الذي بات هاجسًا مقلقًا للسوريين وخاصة الأغلبية التي لم تعمل ولم تحصل على مستوى جيد في اللغة، هو هل ستوافق الدولة الألمانية على منحهم الجنسية بعد كل هذا التأخير من قبلهم بالاندماج وخاصة أنّ الشرط السياسي العام لسورية قد تغير؟ وكم سيستغرق هذا من الوقت؟ وهل سيفلح نبيل وزوجته بتعلم اللغة والحصول على عمل؟ تبدو الأسئلة كثيرة جدًا، لكنها معلقة.

يبدو الوقت هنا حاسمًا ومنبعًا للقلق وتخبط الخيارات. عدد من العائلات القليلة تخلت عن قرار اللجوء وعادت، لأنها تملك بيتًا قابلًا للسكن، أو لأنّ الخطر الأمني قد زال عنها، وربما بسبب وجود عائلة مثل الأب أو الأم أو كليهما معًا في سورية وحالتهما تستدعي وجود الأبناء، لكن يبقى سؤال العمل مؤرقًا! هل سيتمكن السوريون من إيجاد عمل يكفي لتأمين مصدر دخل يكفي العائلة للعيش بشكل جيد؟ لا أحد يمتلك جوابًا حاسمًا، لكن أبا فايز كما عرف عن نفسه قرر العودة فورًا لأن بناته بلغن الرابعة عشرة من العمر وهو خائف جدًا من مسألة يعتبرها مشكلةً كبيرةً ومقلقة، وهي العلاقات الحرة بين الشباب والفتيات في هولندا، تشكل هذه العلاقات قلقًا متواصلًا له ولزوجته التي كان قرارها بالعودة حاسمًا وسابقًا لقرار زوجها.

لا أحد يمتلك الآن أجوبة عن عدد السوريين الراغبين في العودة، ولا عن مدة بقائهم أو طريقة عودتهم، وما قد يشكل انفراجًا ضئيلًا للدول المستضيفة للاجئين بعودة أكبر عدد منهم لا يشمل إلّا أعدادًا لا تلبي رغبة الدول المستضيفة، ولا ترفع من قيمة التوقعات في داخل سورية التي تبني الكثير من الأهمية على عودتهم كقوة اقتصادية أو كقوة بشرية مختصة وماهرة وقادرة على العمل وسد ثغرة غياب الاختصاصات الماهرة والتي استنزفتها عمليات اللجوء.

حتى، وإن بدت عملية العودة مجهولة التفاصيل لكنها أمر حاز على اهتمام كبير في غمضة عين، كمن صحا بعد إغفاءة عميقة استمرت لسنين طويلة متواصلة.

سلوى زكزك/ فيسبوك
سلوى زكزك
مدوّنة سورية تقيم في دمشق. تكتب مقالات وتحقيقات صحافية. وصدرت لها ثلاث مجموعات قصصية. تكتب في مواضيع النسوية والجندر وتهتم بقضايا العنف الاجتماعي.