هدنة مؤقتة أم؟

23 يناير 2025
+ الخط -

اثنان وأربعون يوماً من الهدنة في قطاع غزّة تفتح نافذة (وإن كانت مؤقتة) على الراحة والسكينة بعد حربٍ حصدت الأرواح وألقت بظلالها على كلّ بيتٍ في قطاع غزّة. ففي هذه الأيّام سيُعيد البعض ترتيب ما تبقى من حياتهم، وسيبحث آخرون عن منازلهم المدمّرة وأفراد عائلاتهم المفقودين. هذه الهدنة ليست نهاية الحرب، وإنما فرصة قد تكون فارقة.

الهدنة ليست نهاية بل بداية لمرحلة اختبار صعبة، والسؤال الذي يطرح نفسه؛ هل ستلتزم الأطراف المتصارعة بها؟ وهل ستُتاح الفرصة للجهود الإنسانية والإغاثية للوصول إلى المناطق الأكثر تضرّراً؟ والأهم من ذلك، هل ستكون هذه الهدنة أرضية يُمكن البناء عليها لتجنّب العودة إلى المربّع الأوّل من الدمار والدماء؟

إنّ عبور هذا الاختبار يعني بقاء الشعب الفلسطيني صامداً رغم الجراح، والتزام العالم بتحمّل مسؤولياته تجاه معاناة أهل غزّة. ولكن، لا ينبغي أن يغيب عنا أنّ الهدنة مجرّد خطوة صغيرة، وما زال أمامنا طريق طويل نحو إنهاء العدوان ورفع الحصار وتحقيق العدالة.

 لا يسعى الشعب الفلسطيني إلى وقف الحرب فحسب، بل إلى سلام دائم يقوم على العدالة ورفع الظلم

في زمن الهدنة، يصبح التمسّك بالمقاومة أمراً أكثر إلحاحاً، ولكن بوجوه جديدة تعزّز حضور القضية الفلسطينية. المقاومة اليوم لا تنحصر في المواجهة المباشرة بل تتعداها إلى دعم الجهود الإغاثية، وإعادة الإعمار، والعمل الإعلامي الذي يسلّط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني.

على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته في تحويل هذه الهدنة إلى بوابة سلام دائم، مع محاسبة الاحتلال على جرائمه وضمان تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير وعودة اللاجئين.

رغم أنّ الهدنة قد تحمل بعض الراحة المؤقتة، فإنّ جذور الصراع ما زالت قائمة؛ الحصار الخانق والانتهاكات اليومية وسياسات التهجير والاستيطان كلّها عوامل تجعل أيّ هدنة هشّة وقابلة للانهيار في أيّة لحظة. لذا، علينا النظر إليها كفرصة لتجديد التضامن والعمل من أجل تغيير جذري يضمن حياة كريمة ومستقرة لكلّ فلسطيني.

ختاماً، نعلم أنّ أيّام الهدنة هذه لن تُعالج كلّ الجراح، لكنها قد تكون خطوة نحو مسار أكثر أماناً. وعلى الجميع أن يدركوا أنّ شعبنا لا يسعى فقط إلى وقف الحرب، بل إلى سلام دائم يقوم على العدالة ورفع الظلم.