ملامح الشرق الأوسط في عهد ترامب

03 ديسمبر 2024
+ الخط -

إنّ الأسماء التي انتقاها ترامب لتشكّل إدارته المقبلة، تعكس السياسة الخارجية التي ينوي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وضعها موضع التطبيق، وهي سياسة تعكس ميلًا واضحًا لدعم إسرائيل وتجاهل الحقوق الفلسطينية. هذا التوجّه يعزّز الاعتقاد بأنّ المرحلة القادمة ستكون امتدادًا للسياسات التي اعتمدها خلال ولايته الأولى، مع احتمال تصعيد أكبر تجاه القضايا الإقليمية.

إنّ تعيين شخصيّات مثل ماركو روبيو ومايكل والتز ومايك هاكابي، المعروفين بمواقفهم الداعمة بشدّة لإسرائيل، يعكس بوضوح هذا النهج. وتصريحات هاكابي الأخيرة، التي لم تستبعد احتمال دعم واشنطن لضمّ الضفة الغربية، هي مؤشر جلي على السياسة المستقبلية التي قد يتبعها ترامب. هذه التحرّكات تتماشى مع إرثه السابق، والذي تضمّن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بضمّ إسرائيل للجولان السوري، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ما يعكس نهجًا حادًا ضدّ الحقوق الفلسطينية.

عودة ترامب: دعمٌ لإسرائيل ومخاطر إقليمية

كما إنّ بقاء رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المشهد السياسي الإسرائيلي يزيد من احتمالات تنفيذ خططه المثيرة للجدل، مثل ضم الضفة الغربية. كما أنّ تصريحات مسؤولين إسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش، حول بدء إعداد البنية التحتية لتطبيق السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة"، تعكس تصعيدًا مُحتملاً عند عودة إدارة ترامب إلى البيت الأبيض. من المتوقّع أن تشكل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس عاملاً حاسمًا يعزّز هذا المسار.

تمرّ المنطقة اليوم بمرحلة تحولات كبرى، وقد تشهد اضطرابات إضافية ما لم يتم إيجاد حلول متوازنة تحترم حقوق جميع الأطراف

ترامب، المعروف بنهجه القائم على الصفقات، قد يحاول التوسّط لتهدئة الأوضاع، لكنه سيظل منحازًا لطرفٍ واحد. واحتمال تدخله لإنهاء الحرب في غزّة بشروط تخدم إسرائيل يشير إلى أنه قد يدفع نحو وقف إطلاق نار محدود دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع، ممّا قد يترك الباب مفتوحًا لجولاتٍ جديدة من العنف.

تداعيات على المستوى الإقليمي

سياسات ترامب خلال ولايته الثانية قد تؤدّي إلى تغييرات كبرى في ميزان القوى الإقليمي. خاصّة أنّ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شكّل نقطة تحوّل، من حيث إنّه هدّد الأسس الأمنية لإسرائيل وأعاد النظر في مفاهيم الردع في المنطقة. كما أنّ تصاعد تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر وأثرها على التجارة العالمية يعكس هشاشة الوضع الإقليمي.

كما أنّ استكمال ترامب دعمه لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، مع السماح بضمِّ أجزاء من الضفة الغربية، قد يؤدي إلى موجات جديدة من اللاجئين، مما يزيد الضغط على الأردن ويهدّد الاستقرار الإقليمي. هذه التحرّكات قد تثير ردود أفعال قوية من الفصائل الفلسطينية وداعميها، مما ينذر بمزيدٍ من التوترات في المنطقة.

ختاماً، إنّ مرحلة ترامب المُقبلة قد تكون نقطة فاصلة في مستقبل الشرق الأوسط، واستمرار الانحياز لإسرائيل والتصعيد ضدّ المقاومة الفلسطينية، بما سيؤدي إلى تعميق الأزمات وتعزيز الانقسامات، فيما المنطقة تمرّ اليوم أصلًا بمرحلة تحولات كبرى، وقد تشهد اضطرابات إضافية ما لم يتم إيجاد حلول متوازنة تحترم حقوق جميع الأطراف.

كاتب وصحافي لبناني
وسيم فؤاد الأدهمي
كاتب وصحافي لبناني. كتب في عدد من الصحف اللبنانية والعربية، وشغل عدة مناصب فيها.