عن طوفان التاريخ والبعد الواحد واستثمار الوطنية

عن طوفان التاريخ والبعد الواحد واستثمار الوطنية

31 مارس 2021
+ الخط -

ـ "لقد تعلموا ألا يسقطوا فريسة لليأس بسبب حقيقة كون قوانين التاريخ لا تعتمد على أذواقهم الفردية، ولا تخضع لمقاييسهم الخلقية الخاصة بهم، وتعلموا أن يخضعوا أذواقهم الفردية لقوانين التاريخ، كما تعلموا ألا يفزعوا أمام أعتى الأعداء، إذا ما كانت قوتهم مناقضة لحاجات التطور التاريخي، إنهم يعرفون كيف يسبحون ضد التيار، وهم قانعون قناعة عميقة أن الطوفان التاريخي الجيد سيحملهم إلى الشاطئ الآخر، ولن يصل الجميع إلى الشاطئ، بل سيغرق الكثيرون، ولكن أن يسهم المرء في تلك الحركة بعينين مفتوحتين وإرادة شديدة ذلكم فقط هو الطريق إلى أعلى درجات الاكتفاء الأخلاقي لدى كائن مفكر"

تروتسكي

ـ "هول الغد يكفي لدعم الحلم"

جورج حنين

ـ "ماذا يعني أن تكون كاتبا؟ أنا أقول إنه يعني أن تكون حراً. أنا أعرف أن بعض الكتاب ليسوا أحرارا، إنهم مُستخدمون مهنياً، وهذا أمر مختلف تماما. مهنيا، قد يكونون كتاباً أفضل بالمعنى التقليدي لكلمة أفضل، إنهم يضعون آذانهم على أرض متطلبات تأليف الكتب الرائجة، يُرضون ناشريهم وربما جمهور قرائهم أيضا، غير إنهم ليسوا أحراراً وبالتالي فهم لا يحققون ما أعتبره كينونة كاتب حقيقي. أن تكون حراً يعني أن تنجز حياتك. يعني عدداً غير محدود من الحريات. يعني حرية أن تتوقف حين تشاء، أو أن تذهب إلى حيث تشاء، يعني أن تكون رحالة إلى كل مكان، تترك فنادق كثيرة حزيناً أو سعيداً، لا يعيقك عائق وبلا كثير ندم، إنه يعني حرية الوجود، وقد قال أحدهم بحكمة: إذا لم تستطع أن تكون ذاتك، فما فائدة أن تكون أي شيء مهما كان؟"

تينيسي ويليامز من مذكراته ـ ترجمة أسامة منزلجي

ـ "كتب ماركس قبل نصف قرن يقول "إن الثورة البورجوازية كثورات القرن الثامن عشر، تندفع من نصر إلى نصر، لتسبق آثارها بعضها بعضاً، فيبدو الناس والأشياء وكأنهم يحترقون من لهب لألاء، وتكون النشوة هي الروح المخيمة، لكن قصيرة هي هذه الثورات، فهي تصل أوجها سريعاً، ليرتد المجتمع إلى نوبة رد فعل عصبية قبل أن يتعلم كيف يقطف ثمار فترة الهياج المحموم، أما الثورات البروليتارية كثورات القرن التاسع عشر فهي على العكس من ذلك تمارس نقد نفسها باستمرار وباستمرار تتوقف خلال سيرها، تعود إلى ما كان يبدو منجزاً لتبدأ من جديد، تهزأ بشمول قاسٍ من كل نقاط ضعف محاولتها الأولى وحقارتها وإجراءاتها المجزوءة، فتبدو وكأنها ما تطرح خصمها ليستمد من الأرض عزماً جديداً فينهض ثانية ضدها وقد اتخذ قواما عملاقياً، تتردد باستمرار فزعة من الحجم الهائل غير المحدد لأهدافها ذاتها، إلى أن يخلق في النهاية وضع يجعل كل تراجع مستحيلا، وترفع الظروف ذاتها عقيرتها بالصياح: "هنا الوردة وهنا علينا أن نرقص". 

من مقال كتبته روزا لوكسمبورغ سنة 1900

ـ "إن حياة الحقيقة وانتشار الأفكار وانتصارها لا يتوقفان على صدقها المنطقي، وإنما على السلطة التي تروّج لها. العلم كما يقول الغزالي في إحياء علوم الدين "لا يُذمّ لعينه" والكلام يتخذ معناه من المنبر الذي يصدر عنه "فإذا نسبت الكلام وأسندته إلى قائل حسن فيه اعتقادهم قبلوه وإن كان باطلاً، وإن أسندته إلى من ساء فيه اعتقادهم ردوه وإن كان حقا، فأبداً يعرفون الحق بالرجال، ولا يعرفون الرجال بالحق". هذا ما يؤكده الغزالي في كتاب فضائح الباطنية: "فالشيء إذا نُسِب إلى مشهور بالفضل، يغلب على الطبع التشوق إلى التشبه به، فكم من طوائف رأيتهم اعتقدوا محض الكفر تقليداً لأفلاطون وأرسططاليس وجماعة من الحكماء قد اشتهروا بالفضل وداعيهم إلى ذلك التقليد وحب التشبه بالحكماء". إن المعارف حتى وإن كانت يقينية في ذاتها، إلا أنها تتحدد أساسا بمن يروج لها، بل إن الألفاظ ذاتها تنطوي على مفعول يتجاوزها كألفاظ."

عبد السلام بنعبد العالي من (ضد الراهن)

ـ "كيف يمكن أن نصالح في ذواتنا بين ماركس وسارتر والحلاج دون أن نضحي بأي واحد منهم فداءً للآخر، هذا أمر صعب، لكنه هو الذي ينبغي أن يكون. إن أعظم مآسي الإنسان في العصر الحديث هي اعتناقه للبعد الواحد. إذا أسرعنا إلى المشانق كالحلاج واحترقنا في نار جهل الأعداء واعتبِرنا مرفوعي الرأس واستشهدنا فداءً لأنواع الضعف الموجودة في دنيا الوجود وفي حيواتنا نكون قد متنا ميتة طاهرة، ولكن في سبيل هدف مزيف، ذلك أننا نكون قد أوصلنا أنفسنا إلى الجنة، في حين أننا تركنا الآخرين في جهنم الحياة على الأرض" 

علي شريعتي

ـ "الحروب الوطنية هي المظهر الأقصى لإيديولوجية الهوية الوطنية، لأنها المبرر الحديث للضم والإلحاق، ولأنها ترفع الولاء السياسي للهوية إلى مستوى الوجود المحض: الحياة والموت.. المخاطرة بالحياة وقتل الآخرين، وهي تفعل ذلك ليس عن طريق الحرب ذاتها فحسب، بل عن طريق ما يسمى العقيدة القتالية التي يجري حشو أذهان المحاربين بها، وفكرتها الأساسية أيا كانت أشكالها، هي رفع الولاء الحسي "الطبيعي" الذي يربط الفرد بأسرته وأصدقاءه وعشيرته إلى المستوى السياسي، إلى مفهوم "الوطن" الذي يتحد بتصور "جهاز الدولة" الذي يصبح الممثل الرسمي الوحيد للأسرة والأصدقاء والعشيرة الذين جرت أدلجتهم. ولكن الوطنية لا تتوقف في استثمارها لما هو إنساني عند هذا الحد، حد الحصول على ضريبة الدم، ولكنها تعيد استثمار ضحاياها، فإما أن تستخدم الدماء في أحوال الهزيمة في طلب مزيد من الدماء للثأر من الأعداء، وإما أن تستولي على شجاعة وكرامة الجندي وتجري لها تحويلا إيديولوجيا لتصبح تعبيرا أو مظهرا "لأصالة الشعب" و"معدنه" و"عظمة أخلاقه" و"حيوية الأمة" و"شجاعتها" و"كرامتها"... إلخ أما وقائع الفرار والخوف والاشمئزاز من إراقة الدماء فيجري قمعها أولا وإخفاؤها ثانيا، وهكذا يصبح الجندي ـ الإنسان ـ الفرد العيني مجرد "ممثل" للشعار، للأمة أي للدولة، مثله مثل الزي الذي يلبسه سواء بسواء، وكذا القماشة التي يرفعها علماً".

د. شريف يونس من كتاب (سؤال الهوية: الهوية وسلطة المثقف في عصر ما بعد الحداثة)

ـ "على الرغم من أن مسرحية الحياة تخلب ألبابنا، فإن البشر على خشبة المسرح ليسوا شخصيات كاملة تمتلك مقاديرها في يدها، بل شخصيات تتعثر من موقف لآخر، إن كنت تريد أن تفهم العمل الذي يعرض الآن، تفهمه بشكل حقيقي، فلا تلق إذاً بالاً للممثلين، بل انتبه بشكل أكبر للمؤثرات التي يخضع لها الممثلون." 

من كتاب (فن التفكير الواضح: 52 خطأ في التفكير يجب عليك تبنيها) لـ رولف دوبلي ترجمة نرمين الشرقاوي

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.