المهم، قبل حوالي أربعة أيام، وأنا جالس مع أصدقاء في مقهى تركي قريب من مكان إقامتي رأيتُ نفس الشاب واقفاً في المقهى، وهو يشرحُ نفس القصة لناس آخرين جالسين. حلو حلو. ناديته فورًا، رآني وتذكّرني، وبدأ يرجف، وصعد الدم إلى رأسه، وبدأت شفته العلوية تتحرّك. قلت له: "تعال قعود جمبي"، لم يستجب، فناديته بجديّة وقلت له تعال. جلس بقربي صاغرًا.
قلت له إنّ حي كرويزبرغ، ومدينة برلين عموماً، مليئة بالمتسولين والعاطلين عن العمل ومدمني المخدّرات، وهؤلاء جميعاً يتسوّلون، وهذا فعلاً خيار شخصي، لا أحد يستطيع أن يجبرك أو يمنعك عنه. لكن أن تختلق قصّة لجوء، وتلعب بمشاعر الآخرين باستغلال أعمق
مأساة في القرن الواحد والعشرين، فهذه خسّة ونذالة. إن كنت تريد التسوّل عليك فقط التحلّي ببعض أخلاق التسوّل، واترك مآسي الآخرين بحالها. ما جرى مع الناس يكفيهم.