ترامب... أميركا تجرب النظام الملكي

ترامب... أميركا تجرب النظام الملكي

03 يناير 2021
+ الخط -

تُشاع في الأثر الشفهي المغربي حكمة بليغة مفادها: "اسألِ المُجرب و لا تسأل الطبيب". يا لها من إهانة بالغة لِثماني سنوات من تعرق العقل في كليات الطب. ثماني سنوات أو ولايتان هي نفسها التي يصر الرئيس الأميركي تمضيتها في البيت الأبيض كُرهاً و بعناد بعدما رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن.

يبدو أن الحكام العرب أذكى مما كنا نظن، إذ وضعوا له سم السلطة في الأموال التي حلبها منهم، وأوهموه بأنه ملك أكثر من الملوك أنفسهم. حقيقة كهذه، لا يحتاج المرء ليكون دكتوراً في السياسة حتى يكتشفها. بل يكفي أن يكون مجرباً، عاش ذهنياً قروناً عديدة في ظل النظام الملكي وما زال يعيش واقعياً بين دفتيه، فخبِر نواميسه وحفظ ملامحه التي باتت في الأيام الأخيرة أنصع على وجه ترامب من بشرته البرتقالية الساطعة.

حينها نعرف أن الرئيس الأميركي تحدوه رغبة ليتحول إلى صاحب الجلالة "ترامب الأول"، لولا أنه وجد نفسه في ديمقراطية حقيقية تقدس تداول السلطة وفصلها، برأي عام متنور تعشّش في خلايا مخه الحرية إلى جانب صحافة مستقلة، و إلا كان ترامب غيّر دستور بلاده كي يضمن لنفسه البقاء في السلطة مدى الحياة، وتوريثها بعد ذاك لأحد أبنائه.. سيفضل العرب طبعاً ابنته إيفانكا وستؤازركم في ذلك مدينة سيدي قاسم المغربية.

إنه فرعوني بالغريزة لا شك سيوصي بدفن كرسيه وأمواله معه مع الحرص عل التحنيط. قرار سيكون مستساغا بالنظر إلى طابعه القاروني بما أنه جاء إلى السلطة  من عالم الأموال

يعني هذا الأمر أن دونالد ترامب ملكي بالطبع. هوسه جامح بإعلان جبروته وقوته حتى في الأوقات التي لا يكون هناك داعٍ لها، وخصوصاً مع الأضعف منه، كما فعل مع إلغاء الاتفاق الإيراني وتبني صفقة القرن، وأخيراً مع بنت جلدته رئيسة برلمانه "مونيكا بيلوتشي".

إنه فرعوني بالغريزة لا شك سيوصي بدفن كرسيه وأمواله معه مع الحرص على التحنيط. قرار سيكون مستساغاً بالنظر إلى طابعه القاروني، بما أنه جاء إلى السلطة  من عالم الأموال عكس سلفه أوباما مثلاً الذي كان أستاذاً جامعياً، وهي خاصية أخرى لصيقة بالأنظمة الملكية حيث التحالف والزواج المقدس بين المال والسلطة شرط لازم وماهوي للحكم بلا داعٍ لأي كفاءة  أو برنامج سياسي هدفه التنمية أو المساواة أو ضمان التغطية الصحية.

لِنستفت ابن خلدون في هذا الصدد، وسيأتينا بالخبر اليقين. سيضيف أن المصاهرة مع اللجوء إلى العلاقات الشخصية من زواجات وعمومة وأخوة تكتيكٌ جوهري في الأنظمة الملكية للحفاظ على الولاء والطاعة في الخدمة، وعْياً من أصحابه بوجود خلل صميمي فيه يتم سدّه بهذه الطريقة الفجة التي يأباها كل حس سياسي سليم.

قاعدة المصاهرة تلك طبقها ترامب مع صهره "جاريد كوشنر" الذي جعله مستشاراً له في قضايا حساسة استراتيجياً. قرار قد لا يكون جديداً كلياً سوى أنه حرم الحكام العرب حلم مصاهرته أو على الأقل النظر إلى ابنته وهي ليست في عهدة رجل آخر هم الذين أهدوه أرقى مبدأ سياسي عرفه التاريخ، أي الملك العضوض، حتى و إن غازله فقط كحلم ورؤيا أو أمنية.

دلالات