الشهيد يحيى السنوار: أسطورة المقاومة وصوت الحرية

25 أكتوبر 2024
+ الخط -

يُعد الشهيد يحيى السنوار واحداً من أبرز رموز المقاومة الفلسطينية وقائداً أسطورياً في مسيرة الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي. وُلد عام 1962 في مخيم خانيونس بقطاع غزة، وسط ظروف قاسية تحت الاحتلال، فشبّ على وعي تام بحقيقة القضية الفلسطينية وأهمية المقاومة في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني. كان لهذا الوعي المبكر دور كبير في تشكيل شخصية السنوار النضالية التي أبت إلا أن تكون في مقدمة الصفوف.

منذ نعومة أظفاره، انخرط يحيى السنوار في العمل النضالي مع أبناء شعبه، وكانت له بصمات واضحة في العديد من العمليات النوعية التي استهدفت قوات الاحتلال. انضم إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مراحلها الأولى، وكان له دور بارز في تأسيس الجناح العسكري للحركة. ساهم بفاعلية في توجيه العمليات العسكرية التي هزّت أركان الاحتلال وأرعبت قياداته.

كان اعتقال السنوار في أواخر الثمانينيات ضربة للمقاومة، لكنه استمر من داخل السجن في قيادة الأسرى الفلسطينيين وتوجيههم، مُقدماً نموذجاً حياً للقائد الذي لا تعرف عزيمته الخور. خاض معركة الأمعاء الخاوية في السجن عدة مرات، مؤكداً أن المقاومة لا تقتصر على حمل السلاح، بل هي أيضاً صمود وثبات في وجه العدو، حتى في أقسى الظروف.

بعد الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى الشهيرة "وفاء الأحرار" عام 2011، عاد السنوار ليمارس دوره القيادي في حماس بفاعلية أكبر، حيث تم تعيينه قائداً للحركة في قطاع غزة. كانت قيادته محطة تحول كبيرة للحركة، حيث تمكن من تعزيز قدراتها العسكرية والتنظيمية، وتطوير استراتيجيات المقاومة في ظل حصارٍ خانق وحروب مدمرة.

ما يميز الشهيد يحيى السنوار هو جمعه بين الصلابة في موقفه ضد الاحتلال، والمرونة في التعامل مع المعادلات الإقليمية والدولية. كان يقود الجبهة بعقلانية وحنكة سياسية، رافضاً كل أشكال الاستسلام أو التنازل عن الحقوق الفلسطينية، ورفع شعار "ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"، مؤمناً أن فلسطين لن تتحرر إلا بالمقاومة المسلحة والشعبية.

شجاعة لا تلين وعزيمة لا تُقهر عُرِف بها القائد الشهيد

لقد عُرف الشهيد يحيى السنوار بشجاعته الفائقة التي أثارت إعجاب الأعداء ودهشتهم قبل الأصدقاء. لم يكن يخشى الموت ولا السجن، وكان يتقدم الخطوط الأمامية للمعركة، مقتنعاً أن التحرير لن يأتي إلا بتقديم الغالي والنفيس. كانت شجاعته تتجسد ليس فقط في ميدان المعركة، بل في قراراته السياسية والعسكرية الحاسمة، التي كان يصدرها من قلب غزة المحاصرة.

لم يكن يخشى الموت ولا السجن، وكان يتقدم الخطوط الأمامية للمعركة، مقتنعاً أن التحرير لن يأتي إلا بتقديم الغالي والنفيس

ومع كل تهديدات الاحتلال باغتياله، لم يُظهر السنوار أي تراجع، بل على العكس، ازدادت قوته وصلابته، متخطياً كل محاولات الاحتلال للنيل منه. كانت تصريحاته دائماً تحمل رسالة تحدٍّ وشجاعة، بأنه سيبقى شوكة في حلق الاحتلال حتى آخر نفس.

إرثه النضالي سيبقى في أذهان جميع أبناء المقاومة والعالم

استشهاد يحيى السنوار لم يكن نهاية مسيرة نضاله، بل كان بداية لإرثٍ سيظل يلهم الأجيال القادمة من المقاومين. فقد ترك وراءه جيلاً مقاوماً يحمل راية الحرية من دون خوف أو تردد. سيظل اسمه محفوراً في ذاكرة التاريخ الفلسطيني بطلاً قاد شعبه نحو الكرامة، وواجه أعتى قوة عسكرية في المنطقة بإرادة من حديد.

سيذكر التاريخ يحيى السنوار رمزاً للشجاعة، والإصرار، والتضحية من أجل فلسطين، وسيظل نوره يضيء درب كل من يناضل ضد الظلم والاحتلال.