الشرع – الشيباني: تحالف سياسي أم مشروع صراع قادم؟

24 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 19:33 (توقيت القدس)
+ الخط -

منذ أن نجحت المعارضة السورية في السيطرة على مفاصل الحكم، برزت إلى الواجهة ثنائية لافتة تمثّلت في الحضور المتكرّر لوزير الخارجية، أسعد الشيباني، إلى جانب الرئيس السوري، أحمد الشرع. اللافت في هذا الظهور لم يكن فقط التكرار، بل أيضا الطابع الرسمي والرمزي، حيث ألقى الشيباني كلمات في معظم الفعاليات الرسمية، وغالبًا ما جلس إلى يمين الشرع، في صورة عكست حرصًا مُتعمّدًا على إبرازه.

حتى الآن، لا يبدو مسار العلاقة بين الرجلين واضحًا تمامًا، إلا أنّ إصرار الشرع على إشراك الشيباني ومنحه مساحات كلامية متكرّرة، يشير إلى نيّة واضحة لتثبيته وتعزيز مكانته السياسية. الشيباني، الذي بدا خجولًا ومتوّترًا في بدايات ظهوره، أخذ يكتسب ثقة تدريجية، وتقلّصت زلاته اللغوية، شيئًا فشيئا.

من أبرز المؤشّرات على مكانة الشيباني المتنامية، ظهوره في مقدمة مستقبلي الوفود الرسمية، متقدّما أحيانا على رئيس الحكومة المؤقتة خلال الأشهر الثلاثة الأولى.

خلفيات العلاقة ومسارها

تُظهر المعلومات المتوفّرة أنّ الشيباني لعب دور المبعوث الموثوق للشرع في كثير من اللقاءات والحوارات، وساهم بشكل محوري في تحوّل "جبهة النصرة" إلى "هيئة تحرير الشام"، في محاولة لفكّ الارتباط مع تنظيم القاعدة وتجنّب العقوبات الغربية. ويُعتقد أن هذا الانتقال تمّ بتنسيق مع أطراف عربية، وكان الشيباني هو مهندسه الأساسي. وخلال هذه الفترة، استخدم الشيباني أسماء مستعارة لحماية أسرته المقيمة في مدينة القامشلي الخاضعة لسيطرة النظام، بينما تدرّج في المناصب إلى أن أصبح مسؤول العلاقات الخارجية في "النصرة"، وهي الوظيفة التي قرّبته من الشرع وحوّلته إلى كاتم أسراره.

ساهم الشيباني في تحوّل "جبهة النصرة" إلى "هيئة تحرير الشام"، في محاولة لفكّ الارتباط مع تنظيم القاعدة وتجنّب العقوبات الغربية

من أبرز مساهماته أيضًا، دوره في "اتفاق المدن الأربع" الذي أدى إلى تهجير سكان الزبداني وكفريا والفوعة، وسط حديث عن علاقات مباشرة له مع أجهزة استخبارات إقليمية ودولية.

استحضار لنماذج سياسية مشابهة

يمكن النظر إلى هذه الثنائية من خلال عدسة تجارب دولية مشابهة، مثل علاقة بوتين/ ميدفيديف في روسيا، حيث تبادل الرجلان المناصب (رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء) لتفادي تعديل الدستور، في توافق سياسي حافظ على قبضة بوتين على السلطة. كذلك، لا تغيب عن الذهن ثنائية أردوغان/ أحمد داوود أوغلو في تركيا، حين لعب الأخير دور المهندس الدبلوماسي للسياسات الخارجية التركية، قبل أن ينتهي به الحال في موقع معارض. ويمكن أيضا الاشارة إلى العلاقة بين بوريس يلتسين ويفغيني بريماكوف في روسيا، حين دفع النجاح الشعبي لبريماكوف، يلتسين إلى إقالته خوفًا من منافسته على الرئاسة.

في إطار المقارنة مع الثنائيات السياسية المشار إليها آنفا، يبدو أن الشرع يهيّئ الشيباني لأحد خيارين استراتيجيين: أولهما أن يخلفه في سدّة الحكم عندما تفرض المرحلة ذلك، على نحوٍ يُحاكي النموذج الروسي بين فلاديمير بوتين ودميتري ميدفيديف؛ وثانيهما أن يتولى الشيباني واجهة العلاقات الخارجية السورية، على غرار الدور الذي اضطلع به أحمد داوود أوغلو في تركيا خلال فترة زمنية محددة، إلى حين الوصول إلى لحظة مفصلية قد تفضي إلى صدام أو تغيير في النهج. كما لا يُستبعد أن يعتمد الشرع نمطا ثالثا، يستلهم فيه التجربة السورية ذاتها، التي شهدت تولي وزراء الخارجية مناصبهم لفترات طويلة قبل أن يُرقّوا إلى منصب نائب رئيس الجمهورية، كما حدث مع عبد الحليم خدام وفاروق الشرع، اللذين جرى لاحقًا إخراجهما من المشهد السياسي عبر الإحالة إلى التقاعد.

تحالف مستمر أم انفصال وشيك؟

بين التحالف الحالي والمستقبل المجهول، تطرح ثنائية الشرع/ الشيباني سؤالا مهما: هل ستستمر العلاقة بهذه السلاسة، أم أنّ مصيرها سيكون كمصير ثنائيات سياسية سابقة، انتهت بخلافات حادة، أو حتى بصراع على السلطة وتشكيل أحزاب متنافسة؟

الأيام وحدها كفيلة بالإجابة..