السابع من أكتوبر: كود الأمل والتحرير في ذاكرة الطفل الفلسطيني
لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزّة، أهي لحظة فرح أم لحظة ألم؟
بين وجعٍ عميق يغمر القلوب ومشاهد مؤلمة لا تُمحى من الذاكرة، تبقى تلك اللحظات شاهدة على معاناة شعب لا تزال جروحه تنزف، وستظلّ ذكرياتها محفورة في عقولنا وعقول أجيالنا القادمة.
منذ نكبة عام 1948، ورغم ما تعرّض له الشعب الفلسطيني من قمعٍ وتشريد، ورغم التواطؤ الدولي ومحاولات طمس هُويّته وقضيته العادلة، يثبت الفلسطينيون في كلّ مرحلة من مراحل نضالهم أنهم شعب حيّ لا يقهر. هم يكتبون تاريخًا جديدًا يعيد الزخم للقضية الفلسطينية، ويؤكدون أنّ هذه القضية لن تموت، فهي متجدّدة في وعي الأجيال الفلسطينية الحاضرة والمستقبلية.
السابع من أكتوبر 2023 كان نقطة تحوّل فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث أعاد إحياءها على الصعيدين العربي والدولي بعد فترةٍ من الجمود. لم يكن هذا اليوم مجرّد عملية عسكرية، بل لحظة تجسّدت فيها إرادة الشعب الفلسطيني في مقاومته المستمرة من أجل الحرية والكرامة. كانت العملية ردًا على عقود من الإرهاب والجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحقّ الشعب الفلسطيني، لترسل رسالة بأنّ الفلسطينيين متمسّكون بحقوقهم مهما بلغت التضحيات، وبأنّ الإرادة تكسر الحصار، وهذا ما ترجمه وصول المقاومين إلى الأراضي المحتلة.
ترك هذا اليوم أثرًا عميقًا في وعي الفلسطينيين، خاصة الأطفال والأجيال الشابة، الذين شهدوا الجرائم الوحشية التي زادتهم صلابة وإصرارًا على مواجهة الاحتلال. تحوّل السابع من أكتوبر إلى رمز في الذاكرة الجمعية الفلسطينية، يعكس الأمل والإصرار على التحرير.
يثبت الفلسطينيون في كلّ مرحلة من مراحل نضالهم أنهم شعب حيّ لا يقهر
المشاهد التي وثّقت دخول المقاومين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة ستظل محفورة في ذاكرة الفلسطينيين، تعزّز حلم العودة والحرية. هذا اليوم، بما يحمله من معاني الصمود والتجديد، سيبقى قصّة ملهمة تتوارثها الأجيال القادمة في سياق نضالهم المستمر من أجل الكرامة والتحرير.
رغم الإحساس بالنصر، عايش الفلسطينيون الألم العميق بسبب الإبادة الجماعية التي لحقت بهم، إذ سقط عشرات الآلاف من الشهداء، ووقع الآلاف من الجرحى والمفقودين. لكن مع ذلك، أظهر هذا الشعب وحدة وتلاحم وصمود في التصدي للاحتلال، ممّا منحهم شعورًا متجدّدًا بأنّ قضيتهم حيّة في ضمير العالم.
ما جعل السابع من أكتوبر ذا خصوصية خاصة هو تأثيره العميق على الأجيال القادمة. أولئك الذين نشأوا في وعيهم على هذا اليوم، وعاشوا ما تبعه من معاناة، حملوا في ذاكرتهم هذه اللحظة الفارقة التي ستظل تلاحقهم. بالنسبة لهم، لم يكن السابع من أكتوبر مجرّد تاريخ، بل أصبح رمزاً للثبات والتمسّك بالحلم الذي أصبح أقرب من أيّ وقتٍ مضى: حلم التحرير.
لم يكن السابع من أكتوبر مجرّد حدث عسكري، بل كان شعلة أضاءت الطريق نحو مستقبل جديد
اليوم، يحمل الطفل الفلسطيني في ذهنه صورة السابع من أكتوبر كرمز للنضال والمقاومة، وهو ينشأ في بيئةٍ مليئة بالتحديات. رغم الصعاب، يظلّ متمسّكاً بحقّه في العيش بحرية وكرامة على أرضه. في قلبه، يواصل الحلم بحياة أفضل ورؤية وطنه وقد تحرّر.
التجربة التي مرّ بها هؤلاء الأطفال ستؤثر بعمق على تكوين شخصياتهم وتغذي دوافعهم للاستمرار في النضال. السابع من أكتوبر لم يكن مجرّد حدث عسكري، بل كان شعلة أضاءت الطريق نحو مستقبل جديد. ذكرى الإبادة الجماعية التي أصابت أهل قطاع غزّة أصبحت جزءًا لا يُنسى من تاريخهم، محفورة في وجدانهم كمصدر إلهام للأجيال القادمة لمواصلة السعي نحو حلم التحرير، مهما بلغ حجم التضحيات.
لقد كانت لحظات قاسية عاشها أهل القطاع، وتابعها العالم بأسره، إبادة وحرب انطلقت في السابع من أكتوبر، الذي تحوّل إلى كود رمزي يتناقله الفلسطينيون عبر الأجيال، يحمل في طياته معاني الصمود والأمل والذاكرة الحيّة.