التعليم الذي يحتاجه طلابنا

30 ديسمبر 2024
+ الخط -

أمتهن التعليم منذ عدّة سنوات، وفي كلّ يوم أجد نفسي غارقة في نفس التفكير: هل هذا هو التعليم الذي يحتاجه طلابنا؟ هل هذا ما سيجعلهم قادرين على مواجهة الحياة؟

أرى كيف يظلّ التلاميذ عالقين في دوامةٍ من المعلومات، غير قادرين على الربط بينها وبين العالم الذي يحيط بهم. كيف لهم أن ينجحوا في حياتهم إذا لم يتعلّموا المهارات التي تجعلهم قادرين على التعامل مع التحديات التي سيواجهونها خارج جدران الفصل؟

إنّ نهضة أيّ شعب ترتبط بشكلٍ وثيق بإصلاحات تعليمية جذرية، كما أنّ انهيار الأمم يبدأ عادة من تدهور نظام التعليم. فإذا لم يرتبط التعليم بحياة الطلاب، فما الفائدة من قضاء ساعات طوال يوميًا في حجرة الدرس؟ نحن نعلم أنّ العالم من حولنا، وحول الطلاب خاصة، يتغيّر بسرعة، وأنّ التكنولوجيا تتطوّر بشكل مذهل، وأنّ الحياة تزداد تعقيدا. ومع ذلك، ما زلنا نعلّمهم نفس الأشياء، وبالطريقة نفسها التي تعلمنا بها، كما لو أننا نسير في نفس الطريق المظلم الذي سلكه من سبقونا.

نهضة أيّ شعب ترتبط بشكل وثيق بإصلاحات تعليمية جذرية، كما أنّ انهيار الأمم يبدأ عادة من تدهور نظام التعليم

عندما كنت طالبة، كنت دائمًا أنتقد طريقة حشو الطلاب بمجموعة من المعلومات الجافة. في ذلك الوقت، لم تكن وتيرة الحياة بهذه السرعة التي نشهدها الآن، فما بالك باستمرار منهجية التعليم التقليدي على تلاميذ يواجهون السرعة في الحياة الحالية؟

التعليم يجب أن يتطوّر ليتماشى مع حياة الطلاب وظروفهم. يجب أن يعكس الواقع الذي يعيشونه، لا أنّ يظل قابعا في الماضي. فأنا أرى أنّ التعليم ليس مجرّد حشو للمعلومات، بل هو عملية مستمرّة من التعلّم المستمر والتكيّف مع ما يحدث في العالم من حولنا.

لا يمكننا من خلال التعليم التقليدي أن نعدّ الطلاب ليكونوا المستقبل الذي نريد، إن لم نراجع التفكير في الطريقة التي نعلّم بها. ففي علم النفس التربوي هناك ثلاث مهارات رئيسية يجب أن يتعلّمها كلّ طالب في هذا العصر: التفكير النقدي، حلّ المشكلات، والإبداع. هذه هي المهارات التي ستفتح لهم أبواب النجاح في الحياة الشخصية والعملية. فالتفكير النقدي يعلّمهم كيف يميّزون بين الفكرة الصحيحة والخاطئة، وأن يكونوا قادرين على اتخاذ قراراتهم بناءً على تحليل منطقي ومدروس. أما حلّ المشكلات، فهو يعلمهم كيف يواجهون التحديات التي قد تبدو مستحيلة، وكيف يجدون طرقًا جديدة وغير تقليدية لحلّها. وأما الإبداع، فهو القدرة على التفكير خارج الصندوق، والقدرة على ابتكار حلول جديدة لمشاكل قديمة، وهو ما سيجعلهم قادرين على التكيّف مع أيّ موقفٍ يواجههم في حياتهم.

في النهاية، يمكن القول إنّ التعليم يجب أن يتطوّر ليواكب الزمن، أن يصبح أداة تساعد الطلاب في حياتهم العملية. وفقط عندما نتبنى هذا النوع التعليمي الذي يرتبط بحياة الطلاب الواقعية، سنتمكن من إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق النجاح في عالمٍ سريع التغيّر.