سامحينا أيّتها الحروب البعيدة/ لأننا أحياء/ لأن السماء صافية/ والشمس وحدَها/ ما يلسعُ جلدنا/ سامحينا/ لأن الهواء ليس محمّلاً بالرصاص/ والشوارع نظيفة ولامعة/ تعملُ فيها إشارات السير بلا خطأ طيلة النهار/ سامحينا لأن الأطفال في المدارس وفي الحدائق.
كأن لا أحد ينتظرني/ أو ينتظر منّي شيئاً/ ولا أنا أنتظر أحداً/ ولا أنتظر شيئاً/ "أتبدّد بعذوبة"/ يقول باريكو/ هكذا تسقط كلّ الآمال في المياه المتدفّقة/ التي وضعتُ قدمي خارجها/ البللُ لا يعود يصيبُ منّي شيئاً/ إلّا هذا الخيط الخفيف من العزلة.
كل شيء يبدو جارحاً،/ ولم يعد في هذا ما يدهشني/ أيها العالم…/ القسوة تمرّ في جوفي ثم تخرج كالهواء،/ والعذوبة/ مخالب تحفر خطوطاً على جلدي، / والليل كعادته/ يفصل لحم الذكريات عن عظمها/ بيديه الملوثتين بالأسئلة.
يُعنى المبدع الحقيقي بالاشتغال على مادّته وبتلميعها وبِصقلها وبتقديم شيء جديد ومختلف وبعيد عن الابتذال، أكثر ممّا يعنيه التفاعل الذي ستلقاه هذه المادّة من قارئ مفترَض.
لستَ وحدك/ والغيومُ تشعُّ/ بالضوء الحبيسِ في جوفها القطنيّ/ للحظةٍ أخيرة/ قبل أن تبتلعَها العتمةُ والظّلال/ كما يبتلعُكَ الخوفُ أحياناً/ وأنتَ تُشِعُّ بأحلامِك/ قبل انطفائِها في "سوبرنوفا" عظيم/ فيما طينُها ما زال عالقاً بأصابعِك.
يلخِّص الحوار الذي جمع غابرييل غارسيا ماركيز ببابلو نيرودا عام 1971، رؤيتهما المشتركة في أن يكون كلٌّ من السرد والشعر حلّاً لمعضلات الآخر. ولئن برهن الأول عن مغامرته الشعرية في "خريف البطريرك"، فإن الثاني ستلفته قدرة الروائيين على التحكم السردي.