عادل إبراهيم حمد

أول خطوة في السودان للربط بين إنهاء الوجود العسكري في السلطة وانتهاء الفترة الانتقالية إزالة التشكيك غير المبرّر في جدوى الانتخابات، وهو تشكيكٌ بدأ قبل الانقلاب بكثير، بتسريب هامس يخيف من انتخابات تعيد حزب المؤتمر الوطني إلى الحكم.

جرت محاولات لإيجاد صيغة توافقية تحفظ لجنوب خصوصيته في إطار سودان موحد، لكن صوت الانفصال بقي عالياً تقويه اختلافات ثقافية وإثنية، جعلت للجنوب تميزه الواضح عن الشمال، كما أذكت مظالم اجتماعية وسياسية روح التمرّد بين الجنوبيين، ورجّحت خيار الانفصال.

تراجع التحوّل الديمقراطي في السودان. وما كان ليتم تصحيح هذا الوضع، لولا أن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قد تحرّر من سطوة قوى الحرية والتغيير، ليولي الاهتمام الأكبر للمهمة الأهم في فترة الانتقال، أي الإعداد للانتخابات بغية إكمال الاستحقاق الديمقراطي.

تعيش إثيوبيا اليوم حربا داخلية بين إقليم التغراي والحكومة المركزية، وهي ليست الأولى بين القوميات في هذا البلد. وسبق لها أن خاضت حروب مع السودان وإرتيريا الصومال وهناك اليوم الصراع مع مصر والسودان حول سد النهضة.

ويلزم قادة الانقلاب فب السودان عمل إعلامي مكثف، يؤكّد أن تحرّك الجيش أخيراً لم يُقصد به تأسيس حكم عسكري، بل هو إعادة للشراكة (المؤقتة) مع حكومة مدنية جديدة، لا ينفي مدنيتها غياب الأشخاص الذين شكّلوا حكومة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك.

لن تنجح تجربة الحكم الإقليمي في السودان لمجرّد اعتماد "شكل" الحكم الذي يحمل نظريا مزايا عديدة، إذ لا بد من أن يبرهن الحاكمون على قربهم من نبض الشارع، وإزالة المخاوف التي يبديها بعضهم من احتمالات تفكّك الوطن أو تقسيمه.

يستحيل أن يشهد السودان تقدّماً مع أجواء انعدام الثقة بين طرفي الحكم فيه، المدني والعسكري، وبعد التأكد من فوات أوان الحل الشامل الذي يضمن التناغم بين الشركاء، لا يبقى غير البحث عن حل إسعافي عاجل يعين أطراف الحكم على إنجاز أهم مهام الفترة الانتقالية.