العدوان الإسرائيلي على غزة مستمر. رائحة الموت العابقة في فلسطين لم تصل إلى أنوف زعماء الدول العربية والغربية. مرة جديدة، تقاوم العين المخرز، تلويه، تكاد العين لولا مئات الأيادي التي تحمله وتضغط به في اتجاهها، تكسر المخرز.
مصطلح الدولة العميقة المنتشر في دول العالم والمتداول في تركيا كما في أميركا اللاتينية، والذي اسقطه روبرت فيسك على بعض الأحداث التي وقعت خلال الثورة المصرية، وانتشر ليطال دول الثورات كلها، ليس سوى مصطلح مستورد، لا يقرب الواقع العربي بشيء.
فقراء لبنان والأردن يشعرون بالمنافسة، بالغلاء وانخفاض فرص العمل. إلا أن هذه الأزمات كانت موجودة خلال فترة ما قبل انطلاقة الثورة السورية. وبتعبير أدق، فضحت الثورة السورية، بالإضافة الى هيكل نظام بشار الأسد، ضعف بنية الأنظمة في لبنان والأردن.
هذه الأرغفة، كان لها صوتٌ مدوٍ. صوتٌ كاد يفجّر آذان العالم ومؤسساته الدولية، وها هو يخفت يوماً بعد يوم، تحت ضربات تفتيت منبع الثورات العربية الاجتماعي والاقتصادي، وتحت صراخ أدلجة وجع الناس وتعليبه.
تغيب العدالة الاجتماعية عن حياة اللبنانيين، في ظل اتّساع الهوّة والفروق بين الفئات الاجتماعية في لبنان. ويضيع مطلب العدالة الاجتماعية في حناجر المتضررين من السياسات القائمة، وسط حركة نقابية مسيّسة وأخرى يلاحقها خطر الشرذمة والتفتيت.
رغم الارتفاعات الحادة في البطالة والفقر، إلا أن الولاء للزعيم في لبنان لا يزال أقوى من المطلب الاجتماعي، نظراً لنشوء شبكة صلبة جداً من المصالح، التي أصبحت بفعل الزمن كالأمر الواقع، الذي يربط الناس بزعمائهم، ليتحول هؤلاء إلى قديسين.
بين الرقم الوهمي المعلن والرقم المخفي الذي يغطي الويلات الإجتماعية والإقتصادية، يستطيع المواطن العربي الإستدلال بواقعه البائس لمعرفة الحقائق، بفعل وصمة "اللا- ثقة" التي ستلاحق الأجهزة الإحصائية الرسمية إلى أن تصطلح
احتفال. التصفيق يرتفع. الابتسامات تعلو الوجوه. الكل يربّت على أكتاف الكل. فالحدث مهم جداً، وزير أو بنك مركزي في دولة عربية يعلن أهم خبر اقتصادي في بلاده: ارتفعت تحويلات المغتربين.
عدم ارتباط النمو الاقتصادي بتحسين المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة مباشرة بمعيشة المجتمعات أصبح يثير كثيراً من التساؤلات من المراقبين الاقتصاديين في العالم.