أحمد قليج

العصفورانِ اللذانِ اصطدتُهُما/ قبلَ خمسةَ عشرَ عامًا/ رأيتهما اليومَ في المنام
كانا ينقرانِ بعنفٍ عُنُقي..فيتسرَّبُ الهواءُ خارجِي...
إزْرقَّ وجهي إزْرق../ ثمَّ فجأةً نَطَقا: كيفَ شويتَ لحْمَنا في مِدفأةِ الحَطَب../ وتركتَ فراخَنا في العشِّ للرّيح؟

ليس للشاعر السوري أحمد ونوس عنوان، ولا رقم هاتف، رجلٌ فُقد أثره قبل الحرب، فكيف تعثُر عليه داخلها؟ آخر ما وصل من أخباره، إقامته في خيمة نزوح بمدينة طرطوس. يكاد يكون بلا أثر على محرك البحث "غوغل".

الموسيقا تفعلُ فعلَها/ هذا المساء/ تَنْصبُ مِشنقتي على سُلَّمِها/ فأصعدُ رقصاً درجاتِ الليل/ درجةً/ درجةً/ دو: دواءٌ يَشفي الحُلم من داءِ المسافةِ/ ودودةٌ تأكلُ تفاحةَ الرّبيع/ دونَ أنْ تُعيرَ الحربَ انتباهًا...

يلتقطونَ الصّور/ بأيديهم البنادق ولمعة السّكاكين/ يلتقطونَها/ معَ الدّبّابةِ/ معْ حُطامِ الطّائرة/ معْ خيمةِ النّازِحِ وجثّةِ الْقتيل/ سننتظرُ أنا وأنتِ/ حتى تنتهيَ الحرب/ لنلتقطَ صورةً واحدة/ عندَ خطِّ النّار/ خلفَنا الحديقةُ المُحترقَة/ والمبنى المُنهار/ وسنكونُ سُعداءَ/ صدِّقيني سنكونُ سعداء.

عدتُ لقراءة "ذئب البواديِ" لهرمان هسه محاولاً العثور على الصَّفحة التي قال فيها: "إذا أردت البحث عن الرُّوح، فاذْهبْ إلى الشرق". كان ثمّة مدينة اسمها حلب؛ في المدينة الواقعة على سهلٍ فسيح، كان جبلٌ وحيدٌ ومهجور، زُرع بعظام الموتى.

الشيخُ الحليمُ/ بلحيتهِ الوقورة اختفى/ إذ مسّ بحنانٍ/ الهلالَ المكسورَ*** بائعُ الفاكهةِ أيام الجُمع/ جمع دَمعَهُ/ وركِبَ البحرَ مثلي/ بخوخةٍ في كلِّ جيبٍ/ نجوت أنا لأكتب/ هذه القصيدة الرديئة/ وغاص هو ليصطاد النسيان/ بينما
طافتِ الخوختانِ كعينينِ/ لا تنامان.

من منطاد اللغة والذاكرة، يطلّ الروائي السوري نبيل الملحم، في عمله السادس الذي يصدر هذا الشهر عن دار "كتب خان"، على أهل دمشق، ليحفر عميقاً في ذاكرة المكان، بتحوّلاته الاجتماعية والسياسية، منذ بدايات الاستقلال إلى لحظة هتاف السوريّين للحرية.

تبدو مدينة عفرين (الحدود السورية/التركية) حبة زيتون منسية خارج الحرب داخل الحياة. وتشهد حراكاً تشكيليا نتيجة نزوح عدد من التشكيليين إليها من المدن الكبرى. معرض شورشفان إبراهيم (1982) "في كل بيت لوحة" يوزع لوحاته على بيوت قرية "برمجه".