لا بدَّ لنا أن نعترف بالحقيقة المُرّة التي تقول بأن ثقافتنا العربية الراهنة أو ما نسميه كذلك ليست في مستوى واقع الشعوب العربية وقضاياها المُلحّة، وأن الصخب الموسمي الذي يرتفع هنا وهناك لا يصنع ثقافة مُلتزمة واقعها.
على الرغم من أنّ عزمي بشارة لا يلتفت إلى واقع الدولة العربية في كتابه إلّا بشكل شذري، إلّا أنه يقدّم لنا، في قراءته لتحوّلات ومآلات دولة الحداثة، مدخلاً أساسياً لدراسة الدولة في السياق العربي، هو الذي يُعبّر عن نفسه في مفهومَي: السيادة والمواطنة.
يدخل المفكّر الفلسطيني في كتابه الأخير معركة مع التصوّر السائد عن الإسلام، في المجتمعات العربية، ومع المتشدقين بقيم التنوير، دُون أن يتبنّى التصوُّر الغربي عن الدّين، مُعتبراً الإسلام صيرورةً لنزع السحر، وأنه ظلّ يتميّز بالعقلانية والواقعية.
ينفتح كتابُ الباحث الجزائري على مختلف المساهمات داخل الفلسفة الاجتماعية المُعاصرة، مُركّزاً على فلسفة فوكو، والتي تُشكّل، إلى جانب السوسيولوجيا النقدية لبيير بورديو، أبرز الإسهامات الفرنسية في الفلسفة الاجتماعية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
ما زالت الشعوبُ تبكي جلّاديها في واقعنا العربي وتحنُّ إليهم، وتتذكّرهم كشهداء وقدّيسين. كتابات الفيلسوف الهولندي خير ما تُشخّص هذه الحالة، كونها أعلت من شأن الحرية والمساواة لذا فهو أوّل منظّر للفصل بين السلطات وأوّل مفكّر حديث بالديمقراطية.
يُحبّذ الأفندي استعمال لغة طبِّية، تتحدّث عن المرض والتشخيص، وهو ليس المفكّر الأول ولا الأخير الذي يعتمد ذلك، فالفلسفة الاجتماعية المعاصرة تتحدّث عن باثولوجيات المجتمع، كما أنّ أفلاطون سبق وربط بين جسد الفرد وجسد المجتمع في "الجمهورية".
يقول الفيروس الجديد الشيء الكثير عن انفصام العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ويقول أكثر عن انفصامها بين الإنسان والإنسان، وعن أيديولوجية استهلاكوية، تتلاعب بالمصير البشري، وما يُخيف في كلّ ذلك أنها تحوّلت إلى نوع من الديانة المعاصرة.
قارئ نيتشه في لغته الأصلية يكتشف أنه لم يكتب فلسفته وإنما ألّفها كما يؤلف الموسيقي سمفونيته، وهذا ما يميّزه عن عديمي الأسلوب، أصحاب النفس الطويل، مثل كانط في السياق الألماني، الذين لا يتقنون الجملة القصيرة ومعها الموسيقى وممارسة الحب.
كان دوستويفسكي يعمل على رواية، حين أحضر له صديق كتاب هيغل "محاضرات في التاريخ الكوني"؛ عملٌ يذكُر فيه سيبيريا عرَضاً ضمن إشارة يفسّر فيها لماذا لن يهتم بها في تاريخه الكوني، وهو ما سينبّه الكاتب الروسي إلى قصور الفكر الغربي.
في كتابه "الحداثة والهولوكوست" الصادرة ترجمته مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يُقدّم المفكّر البولندي زيغمونت باومان تفسيراً للهولوكوست باعتبارها مكوّناً من مكوّنات الحداثة، وليس انحرافاً عنها أو مجرّد عرض مرضي مرّ ولن يعاود الظهور.