حسن طارق

كتاب "هكذا تكلم محمد بنسعيد" محاولة لاستعادة فصولٍ من الامتداد في الزمن والأحداث والسياسة الوطنية المغربية، وهو جزءٌ أول من مذكرات هذا المقاوم، على أنه ليس إصداره الأول، إذ سبق له أن نشر أكثر من كتاب.

كان المغاربة في عام 1997 يعيشون مرحلة انتقال، وكان من الواضح أن وجه هذا الانتقال ليس سوى الديمقراطية. بينما اليوم يعرفون أنهم في مرحلة انتقال. لكن لا أحد يملك اليقين للقول إن وجهته الوحيدة هي الديمقراطية!

ستمرّ بلاغة التضامن الشعبي والسياسي والجمعوي، المسجل بكثير من العفوية والتلقائية التي فجرتها صدمة حدث قتل السائحتين في المغرب. لننتقل بعدها من حالة الوحدة السياسية التي عبرت عنها كل المجموعة الوطنية تجاه حدث إرهابي معزول إلى حالة تقاطبٍ إعلاميٍّ وثقافيٍّ.

لا يواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، هبوطا حادّا في معدلات التعاطف والشعبية، بل مزاجا عاما يكاد يجعل من كراهية الرئيس عقيدة مشتركة لهذا الحراك الاجتماعي غير المسبوق، تتفوّق على ما دونها من قضايا القدرة الشرائية والعدالة الجبائية والإصلاح الاجتماعي.

تتجلى المفارقة التي قد تصل إلى حدود التناقض في توترٍ معلن بين الاحتجاج والتمثيل، بين الشارع والمؤسسات، بين العمل الجماعي والحركات الاجتماعية، وبين الانتخابات والأحزاب السياسية.

يبدو المناخ العام الذي تمر به السياسة في عالم اليوم مناسبا لانتعاش خطاباتٍ مناهضة للنخب ولآليات التمثيل وللأدوات "التقليدية" للديمقراطية، حيث تبدو الوساطة و"الوسطاء" من نقط الاستهداف المثالي للحمولة النقدية والتشكيكية لهذا الخطاب المتنامي.

دعا ملك المغرب، محمد السادس، إلى إعادة النظر في النموذج التنموي لمواكبة التطورات، سعيا إلى استيلاد نموذج جديد، فهل سيشكل هذا النموذج فضاءً للتنافس الانتخابي بين برامج ومشاريع سياسات عمومية، أم سيشكل أرضيةً لتعزيز الأداء التكنوقراطي ومزيد من إنهاك السياسة.

ليس هناك إقرار بحالة الانسداد داخل الرقعة السياسية المؤسساتية المغربية، حيث الخطاب عموما هنا يميل إلى أن الأمر يتعلق باختلالاتٍ عادية، وتمرين طبيعي لنمط مؤسّسي متقدّم يحاول التكيف مع الواقع.

عندما نبحث عن تعريف وظيفي للديغولية، قد نغامر بتقديمها تركيبا لفكرتين مركزيتين: عن الدولة وعن فرنسا نفسها. تغازل الأولى استيهامات وطموحات فرنسية عريقة عن حضور دولي وازن ومستقل، وتعبر الثانية عن حاجة في الوجدان الفرنسي، للتماهي مع تجسيد قوي للسلطة.

تبدو حكاية الأميركي، ستيف بانون، الذي يحلم بإعادة إنتاج "فاشية جديدة" على أرض أوروبية مثيرة للأسئلة وللتأمل، فهذه الفكرة المجنونة استطاعت أن تصنع شرخا عميقا في أوساط أحزاب اليمين المتطرّف نفسه، إذ عبّرت قيادات يمنية كثيرة عن استهجانها.