في هذا الفصل الأخير من حياتي ما زلت أحاول أن أفهم لماذا سلكتُ طريقًا دون آخر، اعتنقتُ قضية أكثر من أُخرى. إذن، وهنا مربط الفرس، لماذا شغلتني فلسطين لهذه الدرجة؟
حَيّ بعَناء/ أرْغي وأزْبدُ ضدّ العالَم بأسره/ صارخًا في وجه كافّة السفَلة/ المُتحَكّمين منذ البدء/ بنفس الصرخة التي أطلقتُها/ لحْظةَ الولادة/ لكنّني حَيّ.
مثل شمسٍ حُرّةٍ من كلّ إكْراه/ لا أتوجَّهُ إلى قبائل أو شعوب/ وإنما فقط إلى أولئك/ الذين يتألّمون لألم الآخرين/ ولا يتباهون بذلك/ أهذي لهَذيانكم/ يا أصدقائي/ سامحوني/ النفق لا يزال هنا/ طويل، طويل.
أقرب إلى الأرض/ الأرض الّتي تَحْت/ أقرب إلى الشّجرة/ الشّجرة الّتي فوق/ قَدَمٌ/ في هُوّة العَدَم/ والأُخْرى/ فوق الدّرج الأوّل للّامُتناهي/ وفي البَالِ/ لازمةُ أُغنيةٍ عتيقة/ وبين اليدين/ لا شيء/ أمامي وخلْفي/جدارٌ عازِلٌ.
لا يزال الشاعر الفلسطيني، أشرف فيّاض، معتقلاً في السعودية رغم انقضاء فترة حبسه، التعسّفي أساساً، منذ أكثر من شهرين. الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي يذكّر بقضيته ويحيّيه بقصيدة كتبها في أواخر السنة الماضية.
شيء واحد أصبح أكيداً، هو أني كلما فكرت في ما بعد المنفى، لا يشغل بالي أبداً ماذا سأصبح أنا، وإنَّما ماذا سنصبح نحن، وطننا، رجاله، عالمنا. هل أصبحت رجلاً بلا حاجيات؟ أحياناً أعتقد هذا، إذ أشعر بأنني تخلصت من كل ما يشكل ويؤسس الحياة والملكية الخاصتين.
أخبار اليوم مرعبة/ كأخبار الأمس/ وأوّل أَمس/ على غرار الملاجئ/ المحصَّنَة ضدّ الطائرات/ الملاجئ ضدّ الهجوم النوويّ/ يجب أن تكون هناك/ ملاجئُ تَحمي/ من الكوارث والفظاعات/ عُدْوانِيّةِ الخِطابات من/ الأصوات والصّوَر/ مَلاجئ تَحْمي/ من الكذب البواح.
صوْتي/ لا يَنِي يُردِّدُ على مسامعي:/ لستَ مُجْبرًا أن تكتُبَ/ وهُو مُحِقٌّ تمامًا/ لكنّها يَدي/ لا تنفكُّ/ تُساوِرُ الصّفحة/ بما أنّ اليدَ قصيرةٌ/ أُدَوِّنُ هذي النُّتَف/ كي لا يتعفّنَ الجسدُ والرُّوح/ قَبْل القِطاف...
أودّعكِ الآن، تاركاً لكِ البيت الأخير/ لن أخبرك بأيّ شيء ولا حيث أنا ذاهب، كم سيستغرق غيابي/ لا تتوقعي الأسوأ ولا تتعلّقي بالخيوط الواهية/ فكِّري بي كأنني في الغرفة الملاصقة/ أسيرُ على أطراف الأصابع مخافة إزعاجكِ مستغنياً عن وجباتي...
أودّعكِ الآن، تاركاً لكِ البيت الأخير/ لن أخبرك بأيّ شيء ولا حيث أنا ذاهب، كم سيستغرق غيابي/ لا تتوقعي الأسوأ ولا تتعلّقي بالخيوط الواهية/ فكِّري بي كأنني في الغرفة الملاصقة/ أسيرُ على أطراف الأصابع مخافة إزعاجكِ مستغنياً عن وجباتي...