الفساد أكثر ما يتجلى على الحدود السورية اللبنانية، وأكثر إيلاماً ووقاحة، لأن المواطن يشعر أن الجهات الأمنية، بتنوعاتها، والتي يُفترض أنها تحميه، تنهبه. وأصبح القاسم المشترك في أحاديث المواطنين السوريين هو التحدّث عن أشكال الفساد في كل مؤسسات الدولة.
كم من شبان في اللاذقية هم ضحايا ومظلومون كانوا يقلدون تصرفات الزعران الذين لا يطاولهم القانون. وقد أبدع مصطفى حجازي في كتابيه "سيكولوجية الإنسان المقهور" و"سيكولوجية الإنسان المهدور" في وصف حالة التماهي مع المعتدي.
كنا تعودنا على أن نسمع أن الشهداء يهدون إستشهادهم، عن طريق شهادات أهاليهم، إلى الوطن، وهذا يفهمه العقل. أما أن يُهدي المخطوف خطفه إلى الوطن، فأمر يجعل العقل يغادر الجمجمة، كما لو أن المخطوف يملك قرار اختطافه.
يضيق الحال بالسوريين، ولم تعد هناك إمكانية تهريب الشبان، لكي لا يلتحقوا بخدمة الجيش السوري، ويموتوا ميتة سهلة، كما كانت منذ سنتين، وإمكانية الحصول على تأشيرة إلى تركيا شبه مستحيلة، كما الدخول إلى أراضيها عن طريق المُهربين.
إلى متى سوف يتحمل المواطن السوري هذا العيش الذليل، ولا أفق لحل، ولا وعد لحل. سبع سنوات عجاف والدولة تعيد لنا الأسطوانة نفسها أن الإرهابيين يضربون محطات الكهرباء، ولهذا السبب تنقطع الكهرباء.
لماذا تحقير أهم شخصية دينية اعتبارية لدى المسيحيين، وأية وقاحةٍ في تحقير رمز الصليب الذي يرسم ملايين المسيحيين إشارته على صدورهم؟ هل الغرض من الاستفزاز مجرّد الاستفزاز، أم إن الكاريكاتور والصور يجب أن يكون لها هدف وغاية؟
تتمتع المخابرات السورية بالسلطة المُطلقة، ويشعر كل سوري أنها تقبض عليه من عنقه. ويرتعب كلما اضطر أن يغادر سورية أو يعود، إذ لا يعرف أي تهمةٍ قد تكون فُبركت ضده، ويشعر أنه متهم دوماً، وعليه أن يقدّم براءة ذمة يومياً.
خليل معتوق أيقونة الحق والشجاعة في مهنة المحاماة والدفاع عن حقوق المظلومين، بعد أن صارت هذه المهنة في سورية أشبه بالسمسرة وتديرها الرشى، وأصبح شعار المحامين الأحرار الذين يعيشون في وطنٍ تحول إلى سجنٍ كبير "من يدفع أكثر يربح الدعوى".
يعاني سكان اللاذقية ومعهم النازحون (5 ملايين) من انقطاع الكهرباء خمس ساعات في اليوم، ثم تأتي ساعة أو أقل، ما يجعل المواطن السوري يتحول، رغماً عنه، من فصيلة الإنسان إلى فصيلة خفافيش الظلام.
يجب أن نتصف بالنزاهة والشرف، لإعادة الاعتبار إلى مفهوم حب الوطن، فعلى وطني أن يحبني أولاً، وأن يُشعرني بالأمان، وأن ينشئ معامل لحليب الأطفال الذين صار معظمهم يشربون اليانسون، بسبب عدم توفر الحليب. لا أن ينشئوا مصانع للبراميل المتفجرة.