كانت ضربة المُسيّرات واقعة كبيرة لا سابق لها، واستثنائية، إلا أنّها كانت في الوقت ذاته دعسة ناقصة، لها ما لها من جرأة وإقدام، وعليها ما عليها من مراوحة وإحجام.
نقطة الضعف التكوينية لدولة الاحتلال كانت كامنة في الاحتلال ذاته، وإنّ الفقّاعة التي عاشت فيها كانت بمثابة الفخّ الذي وقعت فيه على وجهها غداة حرب الأيام الستة.
في خضمّ حرب الإبادة الجماعية، سطع في سماء غزّة، وعلى حين غِرَّة، قمران أزرقان وسبع أهلَّة بيضاء، تلألأت كأنّها الدرّ، وتراصفت إلى جانب فيض من شهب وكواكب ونجوم.
سندع الخسائر المنظورة الثقيلة التي مُنيت بها قوات الاحتلال، إلى أن تضع هذه الحرب أوزارها ويُماط اللثام عن كلفتها البشرية. سنقتصر على أهم عشر خسارات غير منظورة.
لا نبحث عن شخص كريم خان، ولا نتقصّى أثره في لندن حيث مقرّ إقامته، أو في لاهاي حيث مقرّ محكمة الجنايات الدولية، وإنما نتحرّى في واقع الأمر عن دوافع صمت الرجل.
وسط هذه الحالة الهستيرية الطامّة في إسرائيل، لاح بين قطيع الخراف كبْشان سمينان، في هيئة جنراليْن مدجّجين بالنياشين، لم يصبهما الجنون، ولم يفقدا "المعقولية".
الغاية الأسمى لموقف بوشنيل كانت على الأرجح حث بني جلدته في الدولة العظمى الوحيدة على مضاعفة معارضتهم وإعلاء صوتهم الاحتجاجي ضد مساندة إدارة بايدن دولة الاحتلال.