مصر الشاحبة اقتصادياً

مصر الشاحبة اقتصادياً

18 نوفمبر 2014
السعودية أكبر داعم للاقتصاد المصري (أرشيف/Getty)
+ الخط -
تعيش مصر هذه الأيام واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية، فالدولة مطالبة خلال فترة 45 يوماً بسداد نحو 9 مليارات دولار ديوناً خارجية مستحقة لقطر ودول نادي باريس وشركات نفط وغاز عالمية ومستثمرين دوليين حائزي سندات.

ورغم سجلّ مصر النظيف في مجال الديون الخارجية، حيث لم تتخلف عن سداد دين أو قسط مستحق عليها منذ عام 1991، إلا أن خطر عدم سداد الديون الحالية وارد، حتى ولو بدرجة ضعيفة، وقد يحدث ذلك حال عدم حصول مصر على قروض أو مساعدات خارجية وعاجلة توجه لسداد الديون المستحقة، والحصول على قروض خارجية سريعة تبدو مسألة صعبة نظرياً، إذ إن الخطوة بحاجة إلى مفاوضات مطولة ومعقدة.

كما أن الاقتراض من صندوق النقد الدولي غير مضمون حالياً، لأن الصندوق له شروطه، منها ضرورة وجود برلمان واستمرار الحكومة في خطة التقشف وخفض الدعم، خاصة الموجه للوقود والطاقة، وهذه الشروط قد لا يستطيع النظام القائم الوفاء بها تفادياً لغضبة الشارع المحتقن أصلاً منذ شهر يوليو/ تموز الماضي، بسبب رفع أسعار المشتقات النفطية وعلى رأسها البنزين والسولار والغاز.

والاقتراض من مؤسسات مالية دولية غير مضمون أيضاً، لأن هذه المؤسسات تشترط أيضاً أن تقدم لها الحكومة ما يفيد قدرتها على سداد الديون الخارجية، وخطة محددة بزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات السياحة والاستثمارات الخارجية والصادرات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج .

حتى الأشقّاء العرب رفضوا مساعدة مصر اقتصادياً. فليبيا، الجارة الأقرب والأقدر على المساعدة في ظل امتلاكها احتياطي من النقد الأجنبي يزيد على 110 مليارات دولار، غارقة في المشاكل والحروب والصراعات الداخلية، كما أن دعم النظام المصري جماعة "حفتر" ولّد حساسية لدى الليبيين وحكومتهم.

والجزائر لا تزال مترددة في دعم النظام المصري حتى بالغاز الطبيعي أو النفط، بسبب ظروف داخلية، منها محاولة الحكومة تفادي إغضاب جماعة الإخوان المشاركة في الائتلاف الحكومي، كما أن شباب الجزائر غاضب من حكومته أصلاً بسبب مشاكل البطالة والفقر، وبالتالي فهو غير مستعد لأن يرى أموال بلاده توجه إلى الخارج ويحرم منها الداخل.

والعراق غارق في صراعاته الداخلية وحربه مع داعش والفساد المالي وخلافاته مع الأكراد وخضوعه لتعليمات ملالي طهران، وبالتالي هو في حاجة إلى من يساعده اقتصادياً، لا أن يساعد مصر بمشتقات النفط والمال.

وبالطبع لن نتحدث عن أشقاء عرب آخرين مثل تونس والمغرب والسودان والأردن واليمن ولبنان وسورية، فهذه دول بحاجة لمن يساعدها لا أن تساعد مصر في أزمتها الراهنة.

تبقى دول الخليج التي أصبحت المنقذ الوحيد للنظام المصري منذ الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013، لكن هل يستمر هذا الدعم الخليجي المقدم من السعودية والإمارات والكويت مع انهيار أسعار النفط العالمية التي تمثل نحو 95% من إيرادات هذه الدول وتعرض هذه الدول لخسائر فادحة قد تؤثر على مراكزها المالية وموازناتها؟

لا أظن، وهناك دلائل كثيرة على ذلك، آخرها أن مصر طلبت من السعودية تقديم تسهيلات لها في سداد قيمة شراء مشتقات نفطية "بنزين وسولار وغيره" من المملكة، أي أن التفاوض حالياً يجري حول تسهيلات وليس حول نفط مجاني، وهذا يعني أن النفط السعودي المجاني لمصر قد توقف أو كاد أن يتوقف.

المساهمون