اليمن إلى أين..؟

اليمن إلى أين..؟

08 أكتوبر 2014
الشباب ينشدون دولة مدنية يبدو أنها لن تتحقق (أرشيف/getty)
+ الخط -
المتابع للوضع في اليمن، وخصوصاً بعد سقوط العاصمة صنعاء بيد جماعة "أنصار الله" الحوثيين، الشهر الماضي، لا يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع اقتصاديّاً وسياسيّاً، حيث يواصل الحوثيون فرض سيطرتهم على أرض الواقع والتحكم في القرار السياسي والاقتصادي في البلاد، ولعل الجميع يعلم يقيناً أن ما حدث في صنعاء الشهر الماضي، هو انقلاب بكل أركانه على نظام الحكم في صنعاء وإجباره على القبول بسياسة الأمر الواقع.

لقد قبل الرئيس، عبد ربه منصور هادي، عاجزاً، باتفاقية السلم والشراكة مع الحوثيين، للخروج بأقل الخسائر وحفظ ماء وجه الدولة التي تمرغت هيبتها في الوحل، وماء وجهه كرئيس جاء بعد ثورة، وخسف بالبلاد إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر 1962، وبعد أسبوعين من التوقيع على تلك الاتفاقية التي تقضي بتسمية رئيس الحكومة بعد ثلاثة أيام، وتسمية الوزراء بعد شهر، لم يتم شيء مما ذكر، حيث يستمر الجميع في تأكيد، أنهم يبحثون عن رجل توافقي، والحقيقة تقول، إنهم يريدون شخصية تقبل بالوضع الذي وصل إليه اليمن، وبالتمدد الحوثي المفروض.

والمتابع للتوسع الحاصل من الحوثيين على أرض الواقع غرباً باتجاه باب المندب، وتوافد المسلحين على الموانئ القريبة من المضيق بشكل مكثف تمهيداً للسيطرة عليه، يكتشف أن الحوثيين لا يريدون للوضع أن يستقر وبأن ليس لديهم رغبة في تهدئة الوضع والسير وفقاً لاتفاقية السلم والشراكة التي تقضي بمغادرة المسلحين صنعاء.

اليمن اليوم يعيش وضعاً حساساً وخطيراً، حيث والأمور تدار بلا حكومة وبرئيس تحت الوصاية الحوثية وبمؤسسات وهيئات حكومية منهوبة ومسيطر عليها من المليشيات، وهو ما ينبئ بخسائر فادحة، يتكبدها الاقتصاد المثقل بالأزمات والمشاكل، ولعل انخفاض الإنتاج النفطي للبلاد إلى قرابة 100 ألف برميل يوميّاً، جراء التفجيرات المتكررة على أنابيب النفط والهجوم الحوثي على بعض الشركات النفطية الأجنبية، يعد أكبر خسارة يتكبدها الاقتصاد اليمني، في ظل اعتماد الموازنة العامة للبلاد على النفط بنسبة تتجاوز 70%، وهو ما يعني عجزاً كبيراً في الموازنة العامة للبلاد للعام المقبل.

اليمن السعيد يمضي في اتجاه المجهول، المجهول الذي يجعل الاحتمالات والسيناريوهات مفتوحة في ظل سيطرة جماعة مسلحة على ثروات البلد ومؤسساته السيادية، وهو ما يعني تأخر ولادة الدولة المدنية الحديثة التي خرج ينشدها شباب الثورة، وربما وفاة الدولة القائمة بكل معالمها.

المساهمون