6 صناعات مصرية في عين عاصفة كورونا

03 اغسطس 2020
+ الخط -

عمقت تداعيات جائحة تفشي فيروس كورونا أزمات العديد ‏من الصناعات المصرية التي كانت تُعاني أصلًا من تراجع في حركة المبيعات، تخطت نسبته 50 في المائة، نتيجة إغراق ‏الأسواق، إما بسبب دخول منتجين جدد بهدف الاستحواذ على ‏السوق لصالح جهات مثل الجيش، كما حدث في صناعة الإسمنت، أو ‏نتيجة منافسة المنتج المستورد لنظيره المحلي، في ظل عدم ‏وجود حماية للمنتج المصري، كما حدث في صناعة الألومنيوم، ‏أو نتيجة لصدور قرارات غير مدروسة كوقف عمليات البناء ‏لمدة 6 أشهر.‏

السكر

تُعاني صناعة السكر في مصر من أزمة ركود تكاد تكون خانقة، ‏نتيجة تراجع المبيعات بسبب إغراق السوق بالسكر المستورد، ‏والذي وصل سعره في البورصات العالمية إلى أقل من 4 ‏جنيهات للكيلو (ربع دولار)، في الوقت الذي يصل سعر تكلفة ‏إنتاجه في الشركات المصرية إلى 7 جنيهات.‏

ويرى مسؤول في وزارة الزراعة أنه رغم صدور قرار بحظر ‏السكر المستورد لمدة 3 أشهر، إلًا أن القرار لم يؤثر على حركة مبيعات ‏المحلي، لوجود مخازن مكدسة بالسكر المستورد، من قبل صدور ‏القرار .‏

وأشار إلى أن ‏المساحات المزروعة ببنجر السكر هذا الموسم، ‏تراجعت بحوالي 80 ألف ‏فدان، مسجلة 520 ألف فدان مقابل ‏‏600 ألف فدان الموسم ‏الماضي، بنسبة انخفاض 13.3 في المائة، ‏وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بحوالي 150 ألف ‏طن مسجلًا ‏‏1.4 مليون طن، مقابل 1.55 مليون طن 2019.‏

ولفت إلى انخفاض إنتاجية محصول قصب السكر بسبب ‏تدني ‏مستوى الخدمة من قبل المزارعين، نتيجة ارتفاع ‏تكاليف ‏الإنتاج من وقود وسماد وعمالة وخلافه، وكذلك ‏لإصرار ‏المزارعين على زراعة صنف قديم من القصب يرجع ‏لأكثر من ‏‏60 سنة.‏

يذكر أن مصر تستهلك ما يقارب 3.3 ملايين طن سكر ‏سنويا، ‏وإنتاجها المحلي ‏من السكر (البنجر والقصب) يصل إلى ‏‏2.3 مليون طن، ‏ويتم تلبية باقي الاحتياجات ‏عبر الاستيراد من ‏الخارج‎.‎

الإسمنت

تراجعت مبيعات الإسمنت بمعدلات وصلت إلى 50 ‏في المائة ‏نتيجة صدور قرار حكومي بوقف عمليات البناء لمدة ‏‏6 أشهر، ‏بالإضافة إلى ‏تراجع الصادرات 32 في المائة خلال أول 5 ‏أشهر من 2020، بسبب انكماش السوق العالمي كأحد ‏تداعيات ‏فيروس كورونا.‏

واضطرت ‏الشركات لوقف بعض خطوط الإنتاج‏ لوجود كمية ‏من ‏المعروض زيادة عن الطلب تقدر بحوالي 34 مليون طن، إذ ‏إن ‏حجم الإنتاج الحالي يصل إلى 84 مليون طن، في حين أن ‏حجم ‏الاستهلاك السنوي لا يتعدى 50 مليون طن.‏

وأرجع خبراء الصناعة ارتفاع هذا الكم الهائل من الإنتاج لدخول ‏مستثمرين ‏جدد في سوق الإسمنت، إذ كان حجم الشركات في عام ‏‏2008 لا ‏يتعدى 12 شركة، وفي 2020 وصل إلى 26 شركة، ‏منها ‏شركات تابعة لأجهزة سيادية (شركة بني سويف التابعة ‏للجيش ‏تنتج وحدها 12 مليون طن سنويًا).‏

وكانت شركة جنوب الوادي للإسمنت قد أعلنت في نهاية ‏‏2019 ‏وقف تنفيذ إنشاء الخط الثاني في مصنع الشركة في بني ‏سويف، فيما علقت شركة إسمنت طرة، التابعة لشركة هايدلبيرغ ‏الألمانية ‏للإسمنت، الإنتاج بسبب أزمة مالية ناجمة عن تخمة ‏المعروض ‏في السوق المحلية، وكذلك أوقفت شركة النهضة ‏للإسمنت بقنا في وقت سابق الخط ‏الرئيسي للإنتاج (توقف ‏جزئي).‏

الجلود

يؤكد عدد من خبراء صناعة ودباغة الجلود في مصر أن مهنتهم ‏تعاني من كارثة، أحد ‏مظاهرها إلقاء جلود ‏الأضاحي في ‏النفايات لأول مرة في تاريخ ‏المهنة، نتيجة ‏تراجع الطلب عليها ‏بعد السماح بإغراق السوق ‏المصري بالمنتجات ‏الجلدية الصينية، ‏المتمثلة في ‏‏"الكوتشي".‏

وأوضحوا أن المستوردين تحايلوا لعدم فرض رسوم على المنتج ‏الكامل، فاستوردوا  الجزء العلوي من ‏الكوتشي فقط (الفوندي)، ‏كأحد ‏مستلزمات الإنتاج، ومعها ‏ماكينات الحقن، إذ يتم ‏حقن ‏‏"الوش" مع "النعل"، في ورش تابعة لكبار ‏المستوردين في ‏مناطق بالقاهرة والقليوبية، ‏ويخرج المنتج كاملًا، منافسًا للصناعة ‏الوطنية ومضيعًا ‏على ‏الدولة رسومًا كانت تُحصّل على المنتج ‏الصيني كامل الصنع.‏

وأظهرت بيانات المجلس التصديري للجلود تراجع ‏صادرات ‏المنتجات ‏الجلدية بنحو 25.3 في المائة، إذ سجلت ‏‏78.4 ‏مليون دولار في ‏‏2019 مقابل 105 ملايين دولار خلال ‏‏2018، ‏فيما انخفضت صادرات ‏قطاع دباغة الجلود خلال ‏‏2019، ‏مسجلة  حوالي 74مليون دولار مقابل ‏‏99.5 مليون ‏دولار في ‏‏2018، بانحفاض بنحو 25.5 في المائة.‏

 

الحديد

 

واصلت صادرات الحديد من اللفائف ‏والمسطحات المسحوبة، سواء ‏على البارد أو الساخن، تراجعها بنسبة 43 في المائة، خلال الفترة ‏من يناير/كانون الثاني- مايو/ أيار 2020، بالمقارنة بنفس الفترة من ‏‏2019، إذ ‏انخفضت قيمتها من 363 مليون دولار في ‏‏2019، ‏إلى207 ملايين دولار في 2020.‏

ويعزو المعنيون في صناعة الحديد في مصر الأسباب إلى حالة ‏الركود التي تضرب السوق العالمي بشكل عام بعد ‏تفشي جائحة ‏كورونا، إضافة إلى أن تكلفة الإنتاج في مصر ‏مرتفعة نتيجة ‏ارتفاع أسعار الوقود الحكومي المورد للمصانع.‏

وبيّنوا أن شركات الحديد تعاني من حالة ركود شديدة، ‏ازدادت حدتها بعد صدور قرار بوقف عمليات البناء ‏لمدة 6 ‏أشهر، الأمر الذي أدى إلى اضطرار بعد المصانع لوقف ‏عدد من ‏خطوط الإنتاج، والاقتصار فقط على إنتاج المطلوب.‏

‎وبلغ إنتاج مصر من الحديد، خلال يناير/كانون الثاني ‏وحتى ‏نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نحو 6.6 ملايين طن، مقابل ‏‏7.4 ‏ملايين عن نفس الفترة 2018، بنسبة تراجع 10.8%، ‏وفقًا ‏لبيانات صادرة عن البنك المركزي المصري.‏

الطوب

أكدت جمعية أصحاب مصانع ‏الطوب الطفلي في مصر أن حوالي ‏‏70 في المائة من مصانع الطوب في مصر (2000 مصنع) من ‏أصل نحو ‏‏2850 مصنعًا على مستوى الجمهورية، توقفت عن ‏الإنتاج وتم تشريد عمالها، لعدم وجود مقدرة على دفع ‏رواتبهم ‏من قبل أصحاب المصانع.‏

وأرجعت ‏السبب الرئيسي إلى صدور قرار بوقف عمليات البناء ‏لمدة 6 ‏أشهر، ومن قبلها أزمة تفشي فيروس كورونا، إذ ‏تراجعت ‏المبيعات بمعدلات وصلت إلى 75 في المائة، لافتة ‏إلى أن ‏هذا القرار أضر بمصالح أكثر من 350 ألف ‏عامل مباشر وغير ‏مباشر، يعملون في هذه المهنة.‏

الألومنيوم

كشف مصدر مسؤول بشركة مصر ‏للألومنيوم (حكومية) ‏ارتفاع ‏خسائر الشركة إلى ‏حوالي 1.4 مليار ‏جنيه، ‏نتيجة ‏وصول حجم الراكد في المخازن إلى ‏‏100 ألف ‏طن، ‏ما اضطر معه الشركة إلى وقف 118 ‏خلية عن الإنتاج (حوالي 20 في المائة).‏

وأرجع المسؤول ‏أسباب الخسائر الرئيسية إلى تراجع الصادرات التي ‏تمثل ‏‏55 ‏في المائة من إنتاج الشركة، نتيجة تراجع السعر ‏العالمي إلى ‏‏1580 دولارًا للطن، ‏هو ما يمثل خسارة للشركة، ‏إذ إن السعر ‏العادل للشركة 1750 دولارًا للطن، ‏بالإضافة إلى تداعيات فيروس كورونا وتأثيره على حركة التجارة العالمية.‏

وأشار إلى أن 45 في المائة من ‏الإنتاج مخصص ‏للسوق ‏المحلي، والمتعثر هو الآخر، ‏بسبب منافسة المنتج ‏الأجنبي، ‏والذي تصب المنافسة السعرية في صالحه، إذ أن ‏طن ‏الألومنيوم ‏المستورد يصل سعره إلى 38 ألف جنيه، في حين ‏أن سعر ‏نظيره ‏المصري يصل إلى 44 ألف جنيه.‏

وكشفت الشركة  في بيان مرسل للبورصة المصرية عن ‏تحقيق ‏خسائر قدرها 1.02 ‏مليار جنيه، خلال الأشهر التسعة ‏الأولى من ‏العام المالي الجاري، ‏بالمقارنة ‏بأرباح قدرت بـ716مليون جنيه عن الفترة نفسها ‏من ‏العام ‏السابق.‏

وأرجعت الشركة ‏أسباب ‏تحولها ‏من ‏الأرباح إلى الخسائر إلى ارتفاع ‏تكلفة ‏الطاقة ‏الكهربائية ‏ومستلزمات ‏الإنتاج ‏الأخرى، وانخفاض ‏السعر ‏الأساسي ‏للمعدن ‏ببورصة المعادن ‏العالمية، ‏مع تراجع ‏سعر ‏الدولار مقابل الجنيه، ‏إضافة ‏لاستغناء ‏الشركة عن ‏نسبة ‏كبيرة ‏من استثماراتها المالية ‏للوفاء بالتزاماتها ‏المالية، ‏ما ‏أدى ‏لانخفاض ‏العائد من ‏الاستثمارات.‏

المساهمون