50 عاما على المباراة التي "هزَّت العالم"

25 فبراير 2014
خمسون عاما على المباراة التي "هزَّت العالم"
+ الخط -

خسمون سنة، بالتمام والكمال، انقضت على المباراة التاريخية التي جمعت بين الملاكم الذي سيحمل، لاحقا، اسم محمد علي كلاي وسوني ليستون في "ميامي بيتش" في 25 فبراير/ شباط 1964 وانتهت بتدشين مسيرة أسطورة القرن العشرين في الملاكمة، كلاي. شاهد العالم في تلك الليلة ملاكما شابا، طويل القامة، لا مثيل لحركته على الحلبة، وتقنياته في اللعب، وكارزميته الشخصية، يصول ويجول، كأنه راقص في طقس افريقي، على مدار ست جولات، ليتوج بعدها ببطولة العالم في الملاكمة للوزن الثقيل.

كانت تلك المباراة هي الأخيرة التي يخوضها محمد علي باسمه الحقيقي، كاسيوس مرسيلوس كلاي، إذ سيغير اسمه، بعدها بيوم، الى كاسيوس إكس، ثم بعد اسبوع الى محمد علي، إثر إعلان إسلامه وانضمامه الى جماعة "أمة الاسلام" التي كونها أليجا محمد، وبرز في صفوفها داعية الحقوق المدنية الشهير مالكوم إكس. ومن يعرف سيرة كلاي، يعلم أن مالكوم إكس لعب دورا مهما في تطوّر الوعي "الهوياتي" عند الملاكم الشاب الذي كان على موعد مع أقدار نادرا ما تكون مرصودة لرياضي عادي.

دامت مباراة كلاي وليستون ست جولات استسلم بعدها الأخير، والدم يسيل من إحدى عينيه، للملاكم الشاب الذي "يتحرك كفراشة ويلسع كنحلة"، رغم أن ليستون كان مفضلا عند المراهنين، فلم يكن كلاي، حينها، سوى ملاكم واعد. ومن الطريف ذكره أن القفازات التي خاض بها كلاي تلك المباراة بيعت، لمناسبة ذكراها الخمسين، بأكثر من نصف مليون جنيه استرليني، أما ليستون المهزوم تلك الليلة الفارقة في تاريخ اللعبة فقد طلب نزال كلاي في السنة التي تلتها (1965)، وليته لم يفعل إذ أسقطه محمد علي بالضربة القاضية من الجولة الأولى.

ليس سوني ليستون نكرة في تاريخ الملاكمة، فقد اعتبر، حتى تلك الليلة التي سيقابل فيها كلاي، ملاكما لا يهزم. كان، حسب كتاب سيرة كلاي، ذا سلوك عدواني، مخيفا، متنمّرا، لا يعرف التراجع ولا يظهر إشارة على الألم، وكان على الملاكم الشاب المتقدم للتحدي على اللقب الاول في الملاكمة أن يقوم بـ "حرب نفسية" في الاذاعات والصحف ليضعضع ثقته بنفسه قبل النزال، حتى إن كلاي سماه "الدب الكبير القبيح" فيما قال عن نفسه، بطريقته التي تمزج الجد بالهزل " أنا شاب، وسيم، سريع، جميل، ومن غير الممكن أن أهزم".

 هُزِم سوني ليستون، الذي لا يُهزم، شر هزيمة على يد كلاي في الجولة السادسة بما يسمى بمصطلحات اللعبة: "الضربة القاضية الفنية"، فلم يستطع أن يرد على الحكم الذي سأله في ما إذا كان قادرا على الاستمرار. وبفضل اليوتيوب صار بامكاننا مشاهدة المباراة التي لم نشاهدها في حينها (الفيديو مرفق) لنرى كيف كان "الاسطورة" يطوف الحلبة على نحو دائري، مشرعا صدره، منتظرا لحظة شغور في دفاع ليستون، أو سهو، كي ينقض عليه من حيث لم يحتسب. لم تعرف الحلبة ملاكما يتحرك عليها كراقص قبل كلاي ولا اظن انها عرفته بعده.

سيكون على كلاي، بطبيعة الحال، أن يكرر تلك الصولات والجولات في السنين القادمة، وأن يوسِّع حلبته لتشمل الحقوق المدنية وحرب فيتنام، وليصبح اسمه على كل شفة ولسان بسبب اقتران القفازات، لأول مرة في تاريخها، بالموقف الأخلاقي من قضايا العصر.

http://youtu.be/uzWynvBLJ4I

  

 

 

 

 

 

دلالات
المساهمون