ينتاب الملل الكثير من محبي كرة القدم في فترة توقف الدوريات لخوض المبارايات الدولية، باستثناء المواسم التي تلعب فيها بالطبع البطولات القارية وكأس العالم ، لذا فإن هذه الحقبة التي تتكرر أكثر من مرة في السنة تكون ثقيلة الظل على جانب كبير من عشاق للساحرة المستديرة.
لا يجد المتابع الكروي حينها جرعته شبه اليومية من صراع فرق الـ"بريمير" أو تناطح أندية "الليجا" أو حالة النشوة التي تنتابه عند سماع موسيقى دوري الأبطال، كما أنه بطبيعة الحال لا يشعر بقدر كبير من الحماس لمتابعة مباراة لألمانيا مع جبل طارق أو اليونان ضد جزر فاروه على سبيل المثال.
الكرة في الأساس فن، وأقرب الفنون للكرة هي السينما، فإذا كانت الكرة تذخر بالابتكار والدراما والحزن والفرح والمعارك والكوميديا ولها تاريخ عتيق، فإن السينما لم تقف لتشاهد كل هذا دون حراك، بل قدمت عالم الساحرة المستديرة في أفلام وأعمال عديدة تعكس كل هذه الجوانب.
ولما كانت الكرة والسينما عنصران دائما الاتصال، فإنه توجد عدة أفلام "كروية جدا" تصلح لهذه الفترة "المملة" من الموسم، بعضها وثائقي ويكشف الكثير من أسرار النجوم والفرق، والآخر مثل أي فيلم عادي له قصة، سواء كوميدية أو درامية أو خيالية، ولكنها تتمحور حول اللعبة الأكثر شعبية في العالم وربما تشهد مشاركة عدد من رموزها.
1-مارادونا بواسطة كوستوريتسا
(Maradona by Kusturica)
يعتبر هذا العمل من أهم الأفلام الكروية الوثائقية، حيث أنه يتناول الأسطورة الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا من كل الجوانب الحياتية وليس الكروية فقط، وكان عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي عام 2008.
ويأخذ المخرج الصربي العالمي امير كوستوريتسا المشاهد في العمل إلى جوانب لم يكن يعرفها الكثيرون من قبل في حياة النجم الأرجنتيني، وهو من ضمنهم، حيث يقول إنه اكتشف وجود ثلاثة شخصيات لأفضل رقم 10 في التاريخ: أستاذ كرة القدم رجل العائلة والسياسي المعارض للولايات المتحدة.
الأمر لا يتعلق فقط بالجوانب الطيبة في حياة مارادونا بل أيضا كل ما هو صادم وغير تقليدي، مثل الحوار الذي أجراه كوستوريتسا مع أسطورة الأرجنتين داخل ملهى ليلى محاطاً بمجموعة من الفتيات، أو ما يعرف باسم "الزواج وفقا للكنيسة المارادونية"، والتي تتخذ الـ"بيلوسا" معبوداً لها.
2- الهروب للنصر
(Escape to Victory)
ربما يبدو هذا الأمر غريباً بعض الشيء..ولكن هل يوجد شيء باستنثاء السينما والكرة لديه القدرة على جمع الجوهرة السوداء بيليه ونجم أفلام الحركة سلفستر ستالوني معاً؟ هذا هو ما حدث في فيلم (الهروب للنصر)، الذي شهد أيضاً مشاركة عدد من نجوم الكرة مثل بوبي مور وأوزفالدو أرديليس وغيرهم.
ودارت أحداث الفيلم في الحرب العالمية الثانية حول مجموعة من أسرى الحلفاء (جسد أدوارهم ستالون وبيليه ومور وأرديليس ضمن آخرين) يخوضون مباراة ضد المنتخب الألماني داخل معسكر اعتقالهم كغطاء لعملية هروب من السجن.
ويسمح النازيون بحضور الجماهير الفرنسية التي تقع أراضيهم تحت الاحتلال الألماني للمباراة حيث ظلوا يشجعوا فريق أسرى الحلفاء لتحقيق الفوز، الذين هرب بعضهم خلال الشوطين كما كانت تقول الخطة، ولكن بيليه، الذي كان يلعب دور أحد الأسرى، رفض الرحيل، وقرر استكمال المباراة حتى لا يكون النازيون نجحوا في تحقيق انتصار آخر عليهم حتى ولو كان كروياً.
في نهاية الفيلم عدل كل فريق الأسرى عن خطة الهروب التي استبدولها بخطة 4-4-2 ونجحوا في قلب النتيجة والفوز على الفريق الألماني لتقتحم الجماهير ملعب المعتقل وتواجه الجنود وتنجح في تهريبهم، وذلك في عمل سينمائي سيروق كثيراً لمحبي الكرة والأكشن.
3-يونايتد الملعون
(The Damned United)
يتناول الفيلم شخصية المدرب الإنجليزي المثير للجدل بريان كلاف، مرتكزا على رواية تخيلية كتبها ديفيد بيس عن الجوانب المختلفة في مسيرته، خلال الفترة من 1968 وحتى 1974، والتي كانت مليئة بالنزاعات والمشاكل، مع العلم بأن مشوراه التدريبي انتهى في 1993.
وكان كلاف بمثابة "جوزيه مورينيو" تلك الفترة مع الفارق بسبب تصريحاته اللاذعة وعلاقته المضطربة مع وسائل الإعلام، حيث تكون بداية نقطة الانطلاق في الفيلم فترة الـ44 يوماً الكارثية التي قضاها كلاف في تدريب ليدز يونايتد، الذي كان من أكثر المنتقدين لأدائهم حينما كان مدرباً لديربي كاونتي.
ويعرض الفيلم في أسلوب سلس الكثير من جوانب العلاقة بين كلاف ورؤساء الأندية ومساعديه وربما أكبر خصومه في عالم التدريب دون ريفي، مدرب الليدز السابق، والكرة التي كان يرغب في تقديمها، وهو من بطولة أسماء بارزة في السينما الإنجليزية مثل مايكل شين وكولم مياني.
4- ثلاثية الهدف
(Goal Trilogy)
ربما تكون ثلاثية (الهدف) بمثابة أكثر الأعمال السينمائية الكروية شهرة وشعبية ونجاحاً حيث صدر الجزء الأول منها في 2005 والثاني في 2009 ، ويعرض قصة مهاجر مكسيكي يدعى سانتياجو مونييز يعمل كبستاني في لوس أنجليس ويحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم.
وتبدأ أحلام مونييز في التحقق حينما يحصل على فرصة للعب في نيوكاسل يونايتد ويكون سبباً رئيسياً في تأهلهم لدوري الأبطال ثم يتناول الجزئين التاليين احترافه في ريال مدريد الإسباني ومشاركته في كأس العالم.
وأهم ما يميز الفيلم هو قصته "شبه الواقعية"، فالكثير من نجوم الكرة في الوقت الحالي كانت حالتهم أسوأ من تلك التي كان يعاني منها مونييز قبل وصولهم لوضعهم الحالي، هذا بجانب الأسلوب المتميز الذي اتبع في تصوير لقطات المبارايات والأهداف والذي منح الأمر روحاً يروق لعشاق كرة القدم الذين دعموا الثلاثية بأرباح ليست سيئة في شباك التذاكر.
5- كريستيانو رونالدو-اختبار للحد الأقصى
(Cristiano Ronaldo- Tested to the Limit)
المستوى البدني الخرافي الذي يتمتع به لاعب ريال مدريد الإسباني، البرتغالي كريستيانو رونالدو كان أحد العوامل التي جذبت شركة للمنتجات البترولية لتنفيذ فيلم وثائقي عام 2011 يتم فيه إجراء دراسة عميقة حول السبب وراء هذا الأمر.
يحمل الفيلم عنوان (كريستيانو رونالدو-اختبار للحد الأقصى) ويخضع فيه اللاعب لسلسلة من الاختبارات البدنية والطبية للكشف عن أسباب الأداء المذهل الذي يقدمه اللاعب، حيث صممت كل التحديات الموجودة خصيصا لقياس مميزاته.
ويظهر في الفيلم الوثائقي أيضا أسماء بارزة في عالم التدريب مثل الإيطالي فابيو كابيلو والفرنسي أرسين فينجر للادلاء بأرائهم حول "صاروخ ماديرا".
أكثر الجوانب الشيقة في الوثائقي بالطبع هي الاختبارات التي يخضع لها رونالدو حيث شملت أربعة جوانب هي القوة الجسدية والقدرة الذهنية والأسلوب والمهارات، وذلك في ارتباط رائع بين الكرة والأفلام برعاية العلوم المتقدمة التي سهلت دراسة الأمر.