أصبح مدرب المنتخب الجزائري، كريستيان غوركوف، قريباً من ترك تدريبات "محاربي الصحراء" بشكل كبير، على الرغم من كل الأرقام التي تصب في صالحه، حيث بات المدرب البالغ من العمر 60 عاماً، أكثر من أي وقت مضى قريباً من الاستقالة، تاركاً المحاربين وأنصارهم في حيرة من أمرهم، لا سيما وأن عقد الفرنسي كان ممتداً حتى نهاية مونديال روسيا 2018.
وحصد المدرب الفرنسي 13 انتصاراً و3 تعادلات وخسر في خمس مباريات مع الجزائر. وثمة عدة أسباب جعلت المدرب التاريخي لنادي لوريون الفرنسي يفضل مغادرة الجزائر بعد ضمان المشاركة الـ 17 في نهائيات أمم كأس أفريقيا، المزمع تنظيمها في الغابون، مطلع السنة المقبلة، أهمها توتر العلاقة مع رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة.
1- صمت روراوة
كل شيء انطلق في سبتمبر الماضي، عندما شنت وسائل الإعلام الجزائرية حملة ضد المدرب الفرنسي بخصوص طريقة لعب المنتخب وخيارات المدرب الفرنسي، قبل أن يخسر "الأفناك" ودياً ضد منتخب غينيا بملعب 5 جويلية، حين تهجمت جماهير الملعب على المدرب وطالبته بالرحيل ليصرح غوركوف: "أكتشف اليوم وجهاً جديداً للجزائريين".
وظل رئيس الاتحاد، محمد روراوة، صامتاً ولم يحم مدربه الفرنسي، مما جعل هذا الأخير يحس أن روراوة له ضلع في هذه الحملة، وعدم الوقوف بجانب مدربه يعني بالضرورة أنه يؤيد طرح جماهير ملعب 5 جويلية.
2- طلاقه من زوجته الثانية
حتى وإن كان كريستيان غوركوف سبق وأن عاش مأساة الطلاق الأول، من أم لاعب رين يوهان غوركوف، إلا أن مشاكله الخاصة مع زوجته الثانية، منذ ستة أشهر، جعلت مدرب المنتخب الجزائري يبحث عن الذرائع للعودة الى العمل بفرنسا، حيث يؤكد العارفون بخبايا المدرب، أن زوجته الثانية التي قضى معها شهر المونديال البرازيلي بتكاليف الاتحاد الجزائري رفضت الإقامة معه في الجزائر، على الرغم من تخصيص فيلا فاخرة على شواطئ الجزائر العاصمة وبقي المدرب يتأرجح بين الشمال والجنوب قبل أن يتم الطلاق الذي جعل غوركوف مضطرباً طوال شهور.
3- عروض النوادي الفرنسية
وعلى الرغم من أنه متعاقد مع الاتحاد الجزائري حتى يوليو/تموز 2018 بأجرة لا تقل عن 65 ألف يورو شهرياً، إلا أن النوادي الفرنسية ظلت تراقب غوركوف وتتقدم إليه بالعروض فلا يمر يوماً إلا وتنشر مواقع وصحف فرنسية اهتمام النوادي بالمدرب الحالي للخضر، وبين عروض بوردو ومرسيليا ونانت ورين وليل يجري الحديث عن رغبة غوركوف في تدريب نادي نيس، جنوب فرنسا، حيث اشترى فيلا ومطعماً فاخراً، ويرغب في إنهاء مسيرته الفنية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. ودون شك فتصريح غوركوف في مناسبات عديدة، أنه مل العمل في المنتخبات ويرغب في العودة الى العمل اليومي في النوادي مؤشر واضح على أن أستاذ الرياضيات في مفاوضات مع أحد النوادي الفرنسية.
4- ضغط الشارع الجزائري والصحافة عجلا رحيله
ولم تكن وسائل الإعلام الجزائرية متساهلة مع غوركوف، منذ قدومه تقريباً، لا سيما وأنه أخد زمام الإدارة الفنية من بين يدي المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش، وبقيت الفضائيات تقارن بين المدربين مدة طويلة على الرغم من أن الشخصيتين مختلفتان. ولمس غوركوف طوال فترة تواجده بالجزائر أن جماهير الخضر متعصبة لمنتخبها بعيداً كل البعد عن الجماهير الأوروبية ما جعله يهمس لمقربيه: "في الجزائر تربح عشر مقابلات يصفقون لك، وتتعثر في واحدة يصفونك بالفاشل".
ويكون غوركوف درس بتمعن ذهنية الشارع الجزائري وإعلامه ووجد أنه لن يقوى على إقناع بلد الـ 40 مليون مدرب.
5- العمل في أفريقيا وتدريب المنتخبات صعب
ومن العوامل التي جعلت غوركوف يفضل تطليق الخضر الآن، هو عدم اقتناعه بالعمل في المنتخبات، وهو الذي كان على مدار ثلاثين سنة يدرب بشكل يومي ويعمل عشر ساعات يومياً في الميدان وبمكتبه، ليجد نفسه في المنتخب يعمل أسبوعاً في الشهر فلا يستطيع تجريب فلسفته الكروية ولا تصحيح أخطائه سوى مرة كل ثلاثة أشهر، وفقاً لمواعيد (فيفا) المخصصة للمنتخبات. كما اكتشف غوركوف حال الكرة الأفريقية وميادينها الكارثية وظروف إجراء المباريات المناخية والتنظيمية، حتى وإن كان التنظيم في المنتخب الجزائري، لكن كل تنقلات الخضر الى أدغال أفريقيا محفوفة بالمخاطر ولا تنفع معها الكفاءة التقنية ولا التخطيط العلمي.