39 في المائة من الأطفال السوريين خارج المدارس

39 في المائة من الأطفال السوريين خارج المدارس

21 نوفمبر 2019
من مؤتمر "وايز 2019" (العربي الجديد)
+ الخط -

التقرير العالمي لرصد التعليم الذي أطلقته "اليونسكو" من الدوحة، يشير إلى تراجع قطاع التعليم في الدول العربية الأكثر تضرراً من جراء النزوح، علماً أن التحديات التي تواجهها كثيرة

أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الخميس، في إطار فعاليات النسخة التاسعة لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز 2019"، النسخة الإقليمية من التقرير العالمي لرصد التعليم، ويتمحور حول الهجرة والنزوح والتعليم بعنوان "بناء الجسور لا الجدران". ويبحث التقرير في "آثار الهجرة والنزوح على التعليم"، ويؤكد الحاجة الملحة لحماية حق المهاجرين واللاجئين في الدول العربية في التعليم.

وتعدّ الدول العربية في المنطقة الأكثر تضرراً من جراء النزوح، ما أدى إلى تراجع قطاع التعليم بالمقارنة مع دول أخرى في العالم. وبحسب التقرير، فإن خمسة من البلدان الاثني عشر، التي تضم أعلى نسبة نازحين داخلياً في العالم، هي دول عربية. وتواجه تحديات كثيرة ناجمة عن نقص المعاملات الورقية والتحديات اللغوية والمخاطر الأمنية، وكلّها عوامل تعيق تعليم النازحين داخلياً.

وتبلغ نسبة التحاق الأطفال والشباب النازحين داخلياً بالتعليم الرسمي في العراق 42 في المائة، بينما وصلت نسبة الملتحقين من الأطفال والشباب غير النازحين داخلياً إلى 73 في المائة. وتعدّ قلة عدد مدارس اللغة العربية والأسئلة التي تحوم حول الاعتراف بالمؤهلات التي تمنحها مدارس إقليم كردستان من معوقات وصول الأطفال والشباب النازحين داخلياً إلى التعليم. وأدى تدفق النازحين في العراق إلى بعض المدن للفصل السكاني، ويعيش 13 في المائة من السكان في 3700 من الأحياء الفقيرة، ويوجد ما يقرب من 2200 مدرسة غير مكتملة البناء، كما أشارت ربع الأسر المقيمة في مستوطنات غير رسمية في القاهرة إلى أن المدارس الثانوية تقع في أماكن بعيدة جداً.

وأبرز التحديات التي تواجه التعليم في مناطق الأزمات في المنطقة العربية، هي عدم تقاضي معلمي النازحين داخلياً أجورهم أو التدريب الذي يحتاجونه بشكل فعال. ففي اليمن، في المحافظات التي يسيطر عليها أنصار الله (الحوثيين)، لم يتلق المعلمون رواتبهم منذ عام 2016. ويحتاج الكثير من الأطفال النازحين إلى الدعم النفسي والاجتماعي، بمن في ذلك 13 في المائة من الأطفال السوريين المشردين داخلياً في عام 2018، ومن النادر أن يتلقى المعلمون التدريب الذي يمكنهم من التعامل مع هذا التحدي.



النزوح الدولي

بحسب تقرير "اليونسكو"، يتواجد ثلث لاجئي العالم في الدول العربية، منهم 6.7 ملايين قدموا من الجمهورية العربية السورية وحدها. وعلى الرغم من أن خمس دول تستضيف اللاجئين السوريين، إلا أن 39 في المائة من الأطفال السوريين ما زالوا غير ملتحقين بالمدارس. ويشكّل افتقار اللاجئين لشهادات الميلاد أو المدرسة عائقاً أمام التحاقهم في المدارس. في لبنان مثلاً، يجب أن يثبت السوريون حصولهم على صفة اللجوء واستكمالهم للدراسة الابتدائية حتى يتسنى لهم ارتياد المدرسة الثانوية. أما في الأردن والعراق، ألغي هذا المطلب وسمح للجميع بالتسجيل من دون وجود شروط على توفر الشهادات.

في المقابل، لفت التقرير إلى تقلص الفجوة في معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي بين الدول العربية وأفريقيا جنوب الصحراء بأكثر من النصف. وتجاوزت آسيا الوسطى وجنوب آسيا الدول العربية في معدل الالتحاق بالتعليم الإعدادي خلال الفترة نفسها، بينما تصغر الفجوة في المرحلة الثانوية.

وخلال عرضه التقرير، قال مدير التقرير العالمي لرصد التعليم في اليونسكو، مانوس أنتونينيس، إن "الدول العربية تواجه تحدياً فريداً من نوعه في سعيها لتوفير التعليم الشامل للجميع". وعلى الرغم من حجم هذا التحدي، لا يمكن أن نتوقع من الأطفال والشباب المشردين أن يتنازلوا عن حقهم في التعليم، مضيفاً: "يجب على صانعي السياسة وضع أنفسهم في مكان هؤلاء الأطفال والشباب، وضمان انعكاس سياساتهم بشكل عادل على احتياجات المهاجرين
واللاجئين".

وعلى الرغم من الجهود التي بذلت في سبيل الالتزام بالاندماج، ما زال العديد من اللاجئين يدرسون في أنظمة موازية، معظمها غير مستدامة على المدى الطويل، في ظلّ تناقص الدعم الدولي. ويعتمد كل من الأردن ولبنان نظام المدارس ذات النوبتين كحل فوري وواقعي، لكنهما بحاجة إلى الدعم المالي حتى يتمكنا من توفير الدعم اللازم للمعلمين والتحضير للمرحلة اللاحقة. وتعمل "أونروا" بالتعاون مع الحكومات المضيفة على توفير التعليم لأكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني لضمان الانتقال السلس للتلاميذ إلى التعليم الثانوي لدى تلك الحكومات. فضلاً عن ذلك، هناك لاجئون آخرون يتلقون التعليم ضمن نظم منفصلة، منهم اللاجئون الصحراويون في الجزائر. وما زال اللاجئون الماليون في مخيمات اللاجئين في موريتانيا يتبعون المنهاج التعليمي المطبق في مالي.



ويرى أنتونينيس أن النزوح الجماعي يعد مشكلة عالمية تتطلب مواجهتها دعماً دولياً. ويقول: "على الرغم من ذلك، لم يتم اتخاذ الإجراءات الكافية لتقاسم مسؤولية مواجهة هذه المشكلة، وتستمر البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في تحمل أكثر من طاقتها وهذا لم يعد مقبولاً. وإن كان اللاجئون غير الملتحقين في المدارس في المنطقة يريدون توجيه أصابع الاتهام إلى أحد، فليس عليهم إلا النظر إلى المانحين الدوليين".

وتتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بأعلى معدلات الهجرة في العالم، وفي بعض هذه الدول، يشكل المهاجرون الغالبية من مجمل عدد الطلاب، واتخذت بعض البلدان في المنطقة خطوات لتعليم اللغة العربية للطلاب المهاجرين، لتحسين الاندماج، ولكن لم يتم تقييم فعالية هذه المبادرات بعد. في عام 2017، ذكر ثلثا الشباب العربي أنهم يتحدثون الإنكليزية أكثر من العربية العادية في حياتهم اليومية. وبحسب تقرير اليونسكو، يقدر ما أنفق على تعليم اللاجئين، في عام 2016، 800 مليون دولار، مقسمة بالتساوي بين المعونة الإنسانية والمعونة التنموية. ويشكل هذا المبلغ نحو ثلث الفجوة لتمويله، وتتطلب تلبية الاحتياجات اللازمة لتعليم اللاجئين زيادة حصة التعليم بمقدار عشرة أضعاف.