22 عاماً على اغتيال محمد بوضياف: تشكيك بالرواية الرسميّة

22 عاماً على اغتيال محمد بوضياف: تشكيك بالرواية الرسميّة

30 يونيو 2014
كثير من الجزائريين يشككون بالرواية الرسمية لعملية الاغتيال(Getty)
+ الخط -

مرّت، يوم أمس الأحد، الذكرى الثانية والعشرين لاغتيال الرئيس الجزائري الأسبق، محمد بوضياف، خلال إلقائه خطاباً في دار الثقافة بمدينة عنابة، عندما سمع دوي انفجار صغير أعقبته طلقات رصاص، كانت موجهة إلى ظهر الرئيس، وكان مَن أطلق الرصاص، القاتل "المفترض"، مبارك بومعرافي، أحد عناصر الحرس الرئاسي.

رجل من الثورة

يعدّ الرئيس بوضياف من أبرز الرجال الذين قرروا تفجير ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1954. وقاد بوضياف ثورة التحرير حتى عام 1958، عندما اعتقل من قبل السلطات الفرنسية في حادثة قرصنة الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الجزائرية في المغرب، وظلّ معتقلاً حتى التوقيع على اتفاقيات "ايفيان"، بين "جبهة التحرير الجزائرية" والسلطات الفرنسية في 19 مارس/ آذار من العام 1962.

بعد حصول الجزائر على الاستقلال، اختار محمد بوضياف العيش في المنفى، بعد خلافاته مع الرئيس الجزائري السابق، أحمد بن بلة، وبقي بوضياف في المنفى حتى  يناير/ كانون الثاني 1992، حين تمت دعوته من قبل قيادات الجيش الجزائري كي يرأس مجلساً رئاسياً تم تشكيله عقب استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، وذلك عقب أزمة توقيف المسار الانتخابي، التي أدخلت البلاد في دوامة العنف والإرهاب. وتولى الرئيس بوضياف رئاسة المجلس الرئاسي في 26 يناير/ كانون الثاني 1992، حتى 29 يونيو/ حزيران من العام نفسه.

البحث عن الحقيقة

جرت حادثة الاغتيال في ظروف أمنية صعبة، وفي ذروة تصاعد موجة الإرهاب، ونشاط الجماعات التي تشكلت مباشرة بعد تعطيل المسار الانتخابي، وحُمّلت مسؤوليتها لأحد عناصر الحرس الرئاسي (بومعرافي)، الذي كان محسوباً على "الجبهة الإسلامية للإنقاذ". وأصدرت المحكمة حكماً بالسجن المؤبد في حق منفّذ العملية، والذي اعترف بانتمائه للمتشددين الإسلاميين، وتنفيذ الاغتيال والتخطيط له بشكل شخصي، غير أن العديد من الجزائريين لا يزالون يشككون في رواية البومعرافي، معتبرين أن العملية مدبرة من قبل أجهزة في السلطة حاولت التخلّص من الرئيس، بعد رفضه تنفيذ الأجندة السياسية التي طرحها الجيش.

وبدا الطيب الثعالبي، وهو أحد أعضاء فريق التحقيق الذي تشكل عقب مقتل الرئيس بوضياف، في برنامج تلفزيوني، مقتنعاً بشكل جدي بأن طرفاً في السلطة ربما يكون وراء حادثة الاغتيال، على الرغم من عدم توصله إلى دلائل مادية بهذا الشأن. يقول الثعالبي إن "الجريمة السياسية هي جريمة كاملة، وعادة لا يترك المخططون والمنفذون أية دلائل".

ويطالب الثعالبي، وهو صديق ورفيق درب الرئيس الراحل، بإعادة التحقيق في الاغتيال، معتقداً أن بوضياف تمت تصفيته من قبل "الأشخاص الذين استنجدوا به لإدارة شؤون البلاد لأنه رفض الانصياع لأوامرهم".

ولا يبدو أن الثعالبي وحيد في تشكيكه بالرواية الرسمية، إذ يشاركه في ذلك رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، الذي قال، عبر برنامج تلفزيوني أيضاً، إن هناك غموضاً يلف قضية بوضياف.

غير أن صهر الرئيس، بن عبد الرحمن أمين، برّأ جهاز الاستخبارات من تهمة التخطيط للعملية، وقال، في كتاب يستعد لنشره عن ظروف اغتيال بوضياف، إن "جهاز الاستخبارات كان وفياً للرئيس، ووضع نفسه تحت تصرفه".

لا تزال الحقيقة الكاملة لحادثة الاغتيال مكتومة، وربما تكشف السنوات المقبلة عن حقيقة إحدى أشهر الجرائم السياسية التي عرفتها الجزائر منذ استقلالها.

المساهمون