11 عاماً على احتلال العراق: هنا الجحيم

11 عاماً على احتلال العراق: هنا الجحيم

09 ابريل 2014
مشهد يومي لعراق ما بعد 2003 (أزهار شلال، getty)
+ الخط -

"مليون ضحية وخمسة ملايين يتيم ومليوني أرملة وجيش جرار من الجرحى والمعوّقين وأربعة ملايين مهاجر في بقاع الأرض وسبعة ملايين عاطل عن العمل وصناعة متوقفة ومزارع معطلة ومدن محاصرة... هذا ما يمكن للكاميرا التقاطه في العراق اليوم بمناسبة الذكرى الحادية عشرة للاحتلال ".

هكذا يختصر المفكر والباحث الاجتماعي العراقي نهاد محمد الجبوري، نظرته إلى العراق اليوم، لم يتحقق أي من الوعود الاميركية، والنتيجة أن "الاحتلال الاميركي أبشع من احتلال المغول لبغداد عام 656". ويقول الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ" لا شيء ايجابي حتى الآن تحقق إلا... الانترنت والهاتف الخليوي والساتلايت، وهي أمور كانت ممنوعة عنا في السابق".

ويرى الجبوري أن " من يلعن الاحتلال صار يُحتسَب في خانة الارهابيين أو من أنصار النظام السابق، لذا تجد الجميع يلتزم الصمت خوفاً على نفسه، ويلقي جام غضبه ومشاعر حزنه على مواقع التواصل الاجتماعي لعدم تمكن حكومة نوري المالكي من مراقبتها كلها".

وتمر اليوم الأربعاء، الذكرى الحادية عشر لاحتلال العراق من قبل القوات الاميركية بعد معركة قصيرة وغير متكافئة بين الجيش العراقي وقوات التحالف المؤلفة من 11 دولة بقيادة واشنطن، انتهت بدخول الدبابات الى قصر "الرحاب" الجمهوري وسط بغداد.

ويتساءل الحاج ناصر حسين (43 عاماً)، من سكان حي القاهرة شرقي بغداد، "عن أي تحرير يتحدثون؟ كنا دولة ذات سيادة ونظام وقانون وأمن وأمان ورخاء، اليوم نحن شعب ضائع، يجب محاسبة كل من تسبب باحتلال البلاد"، راجياً أن يكون العراق "عِبرة ومثالاً لباقي شعوب المنطقة للتنبه من خطر الاستعانة بالغريب على أهل بلدهم". ويضيف حسين إنه" بغض النظر عن رأينا بصدام حسين، لكننا عشنا في عز وأمن وكان العراقي سيداً في قومه، واليوم حتى الدول تتحاشى استقبالنا والارهاب والتطرف والتشدد والقتل والموت والفساد والخراب هو عنوان العراق بعد الاحتلال".

بدوره، ينتقد عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان العراقي، مزهر الملا، "خروج المحتل قبل إصلاح ما أفسده في العراق". ويقول الملا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "كان على الاميركيين، بعدما دمّروا البلاد، أن يصلحوها على الاقل قبل أن يغادروا"، ذلك أن بلاد الرافدين اليوم برأي النائب "تحتاج الى 20 عاما فقط كي تعود الى ما كان عليه في السابق".

"كل يوم أمحو رقماً عن جوّالي"

عمر خالد (33 عاماً) يعمل سائق تاكسي رغم حصوله على شهادة الماجستير في الكيمياء. ويقول الرجل "كنت آمل من الاحتلال أن يغير شيئاً في العراق نحو الديمقراطية والحرية، فلم أكن أرغب ببقاء صدام حسين واستمرار احكام الطوارئ والعسكر والجيوش والحملات العسكرية، لكنني الآن أحنّ الى تلك الأيام بعدما صار الكثير من أهلي وأصدقائي تحت التراب". ويشير عمر إلى أنه "تأتي أيام أمحو فيها كل مساء رقم هاتف أحدهم من جوالي، لأنه قُتل أو هاجر أو حتى اعتُقل".

وقد نشر ناشطون "هاشتاغ" على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان" بغداد لم تسقط لكن دخلها الساقطون"، وسرعان ما وصل عدد متشاركي هذا "الهاشتاغ" إلى مئات الآلاف.
ويقول نوفل أحمد (40 عاماً)، وهو صاحب مقهى للانترنت في حديث لـ"العربي الجديد": "هنا يفرغ الجميع غضبهم وحزنهم عبر الانترنت، لأن لعن المحتل وأيامه يعرّض صاحبه لتهمة الارهاب والتطرف والانتماء للبعث".

واعتاد العراقيون من أصحاب المقاهي، على استبدال لوحات مقاهيهم الجدارية بأخرى، في كل ذكرى لاحتلال بغداد، وخصوصاً في بغداد والفلوجة والبصرة. هكذا يضع هؤلاء لافتات تتحدث عن مآسي الاحتلال وتلعن المحتفلين به، كواحدة من أساليب الاعتراض السياسي السلمي، احتجاجاً على إصرار الحكومات المتعاقبة في بغداد، على اعتبار التاسع من أبريل/نيسان، عيداً وطنياً للعام الثامن على التوالي.

غير أن مقهى "كل العرب" التراثي على نهر دجلة، وسط بغداد، اختار هذا العام أبياتاً شعرية في لوحة فنية غطت نصف جدار المقهى وجاء فيها:
يـا مـن يخـرب بغـداد ليعمرهـا أهلكت نفسك مـا بيـن الطريقيـن
كانت قلوب جميـع النـاس واحـدة عينا وليس لكـون العيـن كالديـن

دلالات

المساهمون