مجموعة الدول السبع تبحث في اللامساواة وترحّل الحمائية

مجموعة الدول السبع تبحث في اللامساواة وترحّل الحمائية

12 مايو 2017
خلال وصول رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم (فرانس برس)
+ الخط -
يختتم وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى اجتماعهم، غداً السبت، في مدينة باري الإيطالية، ويطاول النقاش المسائل الضريبية الدولية، وسلامة النظام المالي وتمويل مكافحة الإرهاب. لكن القضية المحورية التي تؤرق المنظومة الاقتصادية العالمية اليوم، غير مطروحة على جدول الأعمال، وهي قضية الحمائية التجارية التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مقابل تعزيز الانفتاح الاقتصادي الذي تصطف خلفه غالبية المسؤولين الاقتصاديين المشاركين في الاجتماع.
وإضافة إلى المسؤولين الماليين في كل من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا، شارك في الاجتماع ممثلون عن المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

استبعاد النقاش التجاري
ومع تصاعد الوجهة الحمائية الأميركية، توترت العلاقات بين الدول، التي تشكل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، والتي كانت لوقت طويل جداً من أشد التحالفات الاقتصادية صلابة. وهذا الأمر كان محور التقارير الإعلامية الغربية خلال اليومين الماضيين، مع تأكيدات من داخل المجموعة على أن مفاوضات حساسة انطلقت بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية حول موضوع التجارة الدولية، وأن وصولها إلى المرحلة الرسمية سيكون في اجتماع سيعقده رؤساء دول وحكومات مجموعة الدول السبع في صقلية نهاية الشهر الحالي. وسيحضر ترامب الاجتماع الأخير وفق بيان البيت الأبيض في فبراير/ شباط الماضي، في زيارة ستكون الأولى له إلى أوروبا منذ تسلمه منصبه.
ويأتي تأجيل البحث في هذا الملف الشائك بعد أسبوع من فوز ممثل الوجهة المعادية للحمائية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، علماً بأن "فرانس 24" أكدت أن فرنسا سوف تكون ممثلة في اجتماع باري بوزير المالية الاشتراكي السابق، ميشيل سابين. ويرى عدد من المحللين أن وصول ماكرون يعزز الدعم الأوروبي لنظرية السوق المفتوحة، وذلك بعد التصويت لصالح الأخير الذي أكد في حملته الانتخابية دعمه للاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو...
وأيضاً تأتي قمة مجموعة الدول السبع، إثر اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول العشرين في ألمانيا في مارس/ آذار الماضي، حينما تخلى الوزراء عن تعهداتهم التقليدية للعمل على تحرير التجارة العالمية في إذعان للسياسة الحمائية للولايات المتحدة.
وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، في تصريحات سابقة لوكالة رويترز مطلع الشهر الحالي، إن اجتماع باري سيركز على موضوعات من بينها أنظمة الضرائب الدولية والأمن الإلكتروني والتنسيق بشكل أفضل بين المؤسسات المالية العالمية وإيجاد وسائل لمكافحة عدم المساواة. وأضافوا أنه ستكون هناك أيضاً مناقشات موسعة عن حالة الاقتصاد العالمي وسيصدر بيان رسمي مشترك في نهاية الاجتماع.

الضرائب على الاقتصاد الرقمي
ومع ترحيل ملف الحمائية، سيناقش الاجتماع الدعوات الأوروبية لفرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي، بحيث تقوم شركات مثل غوغل وفيسبوك بدفع ضرائب عند استخدامها لبيانات المستخدمين في أنشطة اقتصادية.
وهذه النقطة تحديداً ليست سلسة أيضاً في المناقشات الدائرة بين زعماء الاقتصادات الكبرى، إذ إن صراعاً أميركياً-أوروبياً بدأ منذ سنوات حول حجم الضرائب التي تقتطعها أوروبا من الشركات الأميركية، وأبرزها غوغل وفيسبوك وغيرها. وبالطبع يكتسب هذا الصراع شكلاً مختلفاً مع وصول ترامب إلى الرئاسة، خصوصاً مع رفعه شعار "أميركا أولاً"، وكذا برنامجه الذي يرتكز على حماية الشركات الأميركية.
ومن المفترض أن يقوم الوزراء بالتوقيع على إعلان باري لمكافحة الجرائم الضريبية والتدفقات المالية غير المشروعة الأخرى. ويعد هذا الإعلان، آلية تساعد في البحث عن طرق أكثر فعالية لمعالجة غسل الأموال والتهرب الضريبي الدولي وتمويل الإرهاب. إلا أن التوقيع على هذا الإعلان لا يزال محط شكوك... وقال وزير الخارجية الإيطالي، بيير كارلو بادوان، الأسبوع الماضي إن إيطاليا تريد أن تفعل كل ما في وسعها لدفع قواعد دولية أكثر فعالية في فرض الضرائب على شركات الإنترنت العالمية.
وتواجه التكتلات التكنولوجية في جميع أنحاء العالم، مثل غوغل وأبل وأمازون، دعاوى وغرامات بسبب تهربها من دفع ضرائب في عدد من الدول وخصوصاً الأوروبية منها، وكانت جميعها محط انتقاد ومتابعة خلال الفترة الماضية...
وتأمل إيطاليا، التي تتولى رئاسة مجموعة السبع في العام الحالي، تحقيق تقدم على جدول أعمال اجتماع باري من أجل الحد من اللامساواة. ويسعى وزير المالية الإيطالي، بيير كارلو بادوان، إلى إقرار وثيقة تتعلق بهذا الأمر "من أجل تعزيز النمو الشامل في الوقت الذي تتزايد فيه احتجاجات المهمشين من الاقتصاد العالمي في عدد من دول مجموعة السبع"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال بادوان إنه حصل حتى الآن على دعم نظيره الأميركي، ستيفن منوتشين، مع أن الأخير يؤيد خفض الضرائب على الأكثر ثراء وهو ما يقول معارضوه إنه يزيد من اللامساواة. وأكد مسؤول إيطالي من مجموعة السبع "هناك اتفاق جيد" حول الموضوع بين الوزيرين.
أما في ما يتعلق بمسألة التهرب الضريبي، فيأمل المجتمعون، وفق الوكالة الفرنسية، تحقيق تقدم بمساعدة منظمة التعاون والتنمية التي تركز على هذا الملف منذ عدة سنوات. ومن المفترض أن تمنحها مجموعة السبع تفويضاً لدرس سبل مواجهة الأساليب التي تزداد تطوراً من أجل مكافحة التهرب الضريبي.
وكذا، يبحث الاجتماع آليات تحقيق تقدم في إطار الأمن الإلكتروني ومكافحة تمويل الإرهاب، وهما موضوعان "استراتيجيان" بحسب ما أكد منوتشين وبادوان خلال لقاء ثنائي جمعهما الخميس في باري.

الديون الإيطالية
وكذا، من المتوقع أن تتم مناقشة المساعدات الخاصة باليونان على هامش محادثات باري. وقال وزير الاقتصاد الإيطالي بيير كارلو بادوان إن خطة ترامب لخفض الضرائب على الشركات "طموح" وإنه سيراقبها لمعرفة كيف ستؤثر على النمو. وأضاف أنه "غير قلق" من آثارها الأوسع نطاقاً على الاقتصاد.
وذكرت مصادر لوكالة رويترز أن الاجتماع بين وزير المالية الإيطالي ونظيره الأميركي، الخميس، تطرق إلى حالة البنوك الإيطالية على هامش اجتماعات المجموعة، وتوقع الجانب الإيطالي سقوط القروض السيئة للمقرضين بسرعة كبيرة.
وأضافت المصادر أن بادوان ومنوشين تبادلا المعلومات حول سلامة البنوك الإيطالية التي تعاني من 349 مليار يورو (379 مليار دولار) من إجمالي القروض المشكوك فيها بمنطقة اليورو.
من جهة أخرى، قال وزير المالية الألماني، فولفغانغ شيوبله، اليوم الجمعة، إنه سيخبر وزير الخزانة الأميركي أن العالم بحاجة إلى قيادة الولايات المتحدة. وكانت الإدارة الجديدة للرئيس، دونالد ترامب، محور تعليقات وزراء المالية مع دخول اجتماع دول مجموعة السبع يومه الثاني. وقال شيوبله إن رسالته إلى وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، ستكون "نحن بحاجة إلى ولايات متحدة قوية لقيادة العالم اقتصادياً وسياسياً على نحو مستدام".
(العربي الجديد)