إعادة تعريف النجاح.. خلطة فينغر التي هزمت كونتي بالتخصص

إعادة تعريف النجاح.. خلطة فينغر التي هزمت كونتي بالتخصص

28 مايو 2017
فينغر يعيد التوازن لأرسنال في كأس الاتحاد (Getty)
+ الخط -


لا يفل الحديد إلا الحديد، مقولة أثبتت صحتها هذا الموسم في إنكلترا، فتشلسي هزم الجميع حينما تحول من 4-2-3-1 إلى 3-4-2-1، ونجح كونتي في ضبط التحولات والتحكم في الفرغات بالكرة ومن دونها، خصوصا مع تفوق الفرنسي كانتي في خط المنتصف، وقيامه بدور كاسحة الألغام بجوار زميله ماتيتش، ليتفوق الثنائي في قطع الكرات وكسر هجمات الخصم، مع إعطاء لاعبي الهجوم حرية أكبر لصناعة الأهداف وتسجيلها بالثلث الأخير.

موسم تشلسي
حقق الفريق الأزرق انتصارات متتالية واستفاد من انشغال منافسيه بالبطولات الأوروبية، ليوسع الفارق مع الجميع ويحتفظ بالصدارة حتى الأسبوع الأخير. ورغم أحقية تشلسي في التتويج بالبريميرليغ هذا الموسم، إلا أن فريق كونتي انخفض مستواه بعض الشيء في المرحلة الثانية، ووقع في فخ التكرار والاستسهال الخططي، بالاعتماد على نفس الأدوات دون تغيير، مع الأخذ في الاعتبار حفظ الفرق الأخرى لطريقته، ونسخهم لها على مستوى الدفاع والهجوم، لينقلب السحر على الساحر في آخر مباريات الموسم الكروي.

يقل مستوى تشلسي كلما لعب خصومه بنفس طريقة اللعب 3-4-2-1، فعلها بوكيتينو في أكثر من لقاء، وأعادها فينغر بالنهائي ليتفوق بشكل شبه كلي، نتيجة تضييق الخناق على هازارد بين الخطوط، وحرمانه من ميزة التعاون مع كوستا، قبل أن يغلق الأطراف تماما بلاعب على كل خط، رفقة مدافع إضافي بالخلف للتغطية أثناء المرتدات، إنها مفاتيح لعب كونتي التي أوصلته للقمة، وعند نسخها بطريقة أو بأخرى أوقعته في ملعب ويمبلي أمام المدفعجية.

سجل سانشيز ورامسي هدفي الفوز على مدار الشوطين، وسيطر آرسنال على معظم تفاصيل المواجهة، حتى في فترات هجوم تشلسي، كان فريق فينغر هو الأقرب للتسجيل من خلال نجاحه في شن الهجمات المرتدة، بالإضافة لنجاحه في التقليل من خطورة إيدين هازارد، أفضل لاعبي تشلسي من ناحية المهارة والحسم.

ثنائية الارتكاز
يراهن أنطونيو على ثنائية كانتي وماتيتش في خانة الارتكاز، من أجل تأمين الطريق نحو مرماه، وغلق الملعب عرضيا بالسرعة والركض المستمر، لدرجة شعور المشاهد وكأن تشلسي يلعب بثلاثة وليس اثنين، نتيجة الاحتفاظ بالكرة الثانية وضبط حركة المجموعة أثناء المرتدات. وكما كان كانتي أحد نقاط قوة بطل الدوري، فإنه أيضا لعب دورا سلبيا في نهائي الكأس، بسبب نجاح فينغر في الحد من نقاط قوته واستغلال ضعفه بالكرة ليضع الضغط عليه في أكثر من مناسبة.

واجه آرسنال هذه التركيبة بذكاء شديد، من خلال الدفع برامسي وتشاكا في خط المنتصف، من أجل خلق موقف 2 ضد 2 في الوسط، لكن ليس فقط بشكل عرضي كما جرت العادة، بل باتجاهات طولية وعمودية مباشرة، بعودة تشاكا إلى مناطقه الدفاعية لاستلام الكرة والخروج بها تحت الضغط، مع صعود رامسي إلى الأمام كوسط "بوكس تو بوكس"، يقطع بشكل سريع من الدفاع إلى القنوات الهجومية مباشرة، مما جعل ارتكاز تشلسي مفككا لأن الكرة في النهاية أسرع من أي لاعب مهما بلغت قوته.

عودة تشاكا للدفاع جعلت هناك رباعيا صريحا في حالة هجوم تشلسي، لتشديد الرقابة على الثنائي كوستا وهازارد، والحصول على زيادة عددية في معظم الهجمات، بينما على الخط الجانبي هناك بيريلين أمام ألونسو وتشامبرلين ضد موسيس على اليسار، مع بقاء مونريال كلاعب حر للتغطية سواء في العمق أو على الأطراف، كلها عوامل ليست بجديدة على قوانين التكتيك لكن أرسين عرف تطبيقها بالشكل المثالي.

مسعود أوزيل
أغلق آرسنال مفاتيح لعب تشلسي جيدا، لكنه لم يكتف بذلك فقط بل هاجم بضراوة، ووصل إلى مرمى منافسه في معظم المناسبات، نتيجة الدور المحوري الذي لعبه مسعود أوزيل، أحد نجوم المباراة رغم أنه لم يسجل أي هدف. واستعاد الألماني ذكرياته القديمة كلاعب حر بين الجناح والوسط، حيث إنه بدأ مسيرته الكروية في ألمانيا كجناح صريح على الخط، قبل أن يتحول إلى مركز صناعة اللعب في العمق خلف المهاجمين، وأمام تشلسي قام بدور مزدوج، نصف جناح ونصف لاعب وسط متقدم.

عاد أوزيل خطوات إلى الخلف، بالتحديد في الفراغ الواقع خلف الثنائي كانتي وماتيتش، واستفاد كثيرا من تحركات زميله رامسي في الوسط، ليحصل على الكرات في وضعيات رائعة، ويبدأ الهجوم من وضع الحركة دائما. وظهر تفوق مسعود بوضوح في الشوط الأول، عندما استحوذ فريقه على منطقة المناورات ونجحت الخطة في تفكيك ارتكاز تشلسي، وإجباره على الركض ورء الكرة دون استفادة. وكما قام تشاكا بصناعة اللعب من الخلف، فإن أوزيل هو الآخر مرر التمريرات إلى زملائه ولكن داخل الثلث الهجومي بالقرب من مرمى كورتوا.

ويلباك أيضا فعل المطلوب بوضوح، تحرك المهاجم باستمرار خلف دفاعات تشلسي، وأجبر لويز ورفاقه على الوقوف في مناطقهم، مع الاستفادة من الكرات الطولية بعد التقدم في النتيجة. ويعتمد فينغر على التحركات الفوضوية لمهاجمه، حتى يحصل الثنائي المهاري سانشيز وأوزيل على مساحة أكبر للاستلام والتصرف بالكرة، لتزيد الخيارات الهجومية أمام حامل الكرة من آرسنال، بصعود رامسي وويلباك في القلب، والدعم المستمر من جانب أليكسيس ومسعود في وبين الخطوط.

زوايا التمرير
حافظ الفريقان على خطة 3-4-2-1 قبل المباراة، لكن الفارق كان كبيرا بين تنفيذ الجانبين، فتشلسي لعب بخطوط مستقيمة أثرت بالسلب على هجماته، من خلال عودة الأطراف إلى منطقة الوسط، ووقوف الرباعي "ألونسو وماتيتش وكانتي وموسيس" على خط واحد أمام ثلاثي الدفاع، لتنعدم زوايا التمرير أثناء البناء من الخلف، ويبتعد لاعبي الهجوم عن بقية الرفاق. ونتيجة هذا الانتشار السلبي، ظهر الزرق بخطة 3-4-3 فعليا داخل الملعب، مع انفصال شبه كلي لهازارد وبيدرو وكوستا بين دفاعات آرسنال.

في المقابل انتشر لاعبو فينغر بطريقة مغايرة، من خلال صعود رامسي إلى الهجوم وعودة تشاكا للدفاع، مع انطلاقات بيريلين وتشامبرلين على الأجنحة، لتتحول اللعبة داخل المستطيل إلى 3-1-3-3 على طريقة فرق أميركا اللاتينية. وبالعودة إلى الخريطة الحرارية للمباراة، حصل تشاكا وأوزيل على قنوات اتصال مباشرة من الخلف وإلى الأمام، وهذا هو الاختلاف الرئيسي بين الفريقين، فآرسنال حصل على خيارات عديدة للتمرير، لينعكس بالإيجاب على المجموعة بالكامل طوال التسعين دقيقة.

لم يصعد آرسنال في النهاية إلى دوري أبطال أوروبا، لكنه قدم موسما مميزا في الأمتار الأخيرة، بتغلبه على مانشستر سيتي وتشلسي في الكأس، وتقديمه مباريات جيدة في الأيام الأخيرة من عمر الدوري. وبعيدا عن حسابات النجاح والفشل وهل يستحق فينغر الاستمرار أم لا، فإن ممثل شمال لندن يحتاج إلى صفقات جديدة على مستوى الدفاع وقلب الهجوم، مع الحفاظ على قوام الفريق الأساسي بالموسم المقبل، حتى يعود بطل الكأس من الباب الكبير خلال القادم.


 

المساهمون