يوم الجمعة في القدس: تصدٍ للاحتلال وتضامن مع الأسرى

يوم الجمعة في القدس: تصدٍ للاحتلال وتضامن مع الأسرى

31 مايو 2014
الـ45 هو السن الذي حدّده الاحتلال للوصول للأقصى(عوض عوض/الاناضول/Getty)
+ الخط -

انضمّ محمد حوشيه (44 عاماً)، وهو من مخيم شعفاط، إلى آلاف الفلسطينيين الذين احتشدوا، يوم الجمعة، بالقرب من بوابات البلدة القديمة في القدس المحتلة، التي أغلقتها الشرطة الاسرائيلية بالحواجز العسكرية وحالت دون الوصول إلى البلدة القديمة والمسجد الاقصى.

تقدم حوشيه إلى أحد أفراد الشرطة مبرزاً بطاقته الشخصية، لكن الشرطي صدّه وطلب منه العودة في العام المقبل للصلاة في الأقصى، لأنه يكون عندها بلغ الـ45، وهو السن الذي حددته الشرطة لمَن يسمح له بالوصول إلى الاقصى.

في هذه الأثناء، بدا إسفلت الأرض على مدخل باب العمود صفيحاً ساخناً ألهب أجساد مَن افترشوه بالبسط والسجاد، واضطر كثيرون منهم إلى وضع مناديل خاصة على رؤوسهم لتقيهم حر نهار القدس الطويل، بينما سكب آخرون المياه فوق رؤوسهم وعلى وجوههم. أما عناصر الشرطة الإسرائيلية المدججين بالخيل والخوذات والهراوات ومخازن قنابل الصوت والغاز فاتخذوا مواقع لهم، وبدوا من بعيد كسلسلة بشرية متحركة، تصطدم مع المصلين الشبان الغاضبين، ثم تعود إلى مواقعها من جديد.

تعرّض حوشيه للضرب والدفع على غرار شاب آخر يدعى حسن جبارين، من بيت حنينا، الذي أوسعه جنود الاحتلال ضرباً قرب باب الساهرة، وبدت الكدمات ظاهرة على وجهه، وبقع من الدم تناثرت على قميصه.

إحدى المسنات التي لم توقفها حواجز الشرطة، اجتازت أحدها وهي تلعن وتشتم. كانت هذه المسنّة، وتدعى لبيبة الأسمر، من البلدة القديمة، تعرضت قبل يومين للدفع من قبل إحدى المجندات في ساحة باب العمود، ما تسبّب بسقوطها أرضاً مغمى عليها.

المشهد على مداخل بوابات الاقصى اختلف قليلاً. كان الازدحام أشد والتدافع أكبر بين الشبان الغاضبين وجنود الاحتلال الذين انهالوا عليهم بالضرب بالهراوات في شارع الواد، وبالقرب من باب الاسباط. من هؤلاء الشبان أيمن دنديس، الذي منع، فجر الجمعة، من الدخول وحدث تلاسن بينه وبين أحد أفراد الشرطة العرب ممّن يخدمون في سلك الشرطة الإسرائيلية.
يقول دنديس: "طلبت منه مخاطبتي بالعربية، بعدما ناده أحد زملاؤه باسمه (زياد)، لكنه واصل التحدث بالعبرية، ودفعني بقوة إلى الحاجز الحديدي، وضربني بالهراوة قبل أن أدفعه عني". ويضيف: "لولا تدخل المصلين لاتّسع نطاق الاشتباك ولحدث ما لا تحمد عقباه".

وفيما ازدحمت الساحات خارج أبواب المدينة المقدسة، وخارج أبواب المسجد الاقصى بالمصلين الممنوعين من دخول الاقصى للصلاة فيه، كانت ساحات الحرم القدسي شبه خالية، في وقت غصّت فيه مداخل المسجد بمئات الجنود. وقدّر أحد حراس الاقصى أعداد عناصر الشرطة بنحو ثلاثة آلاف عنصر، زوّدوا بجميع أدوات القمع، بما في ذلك سيارات رش المياه.

وقد دان خطيب المسجد الأقصى، رائد فتحي، في خطبة الجمعة، إجراءات الاحتلال المشددة ضد المصلين ومنعهم من الصلاة في مسجدهم، في وقت يمنح فيه تسهيلات كبيرة لمتطرفيه باقتحامه وتدنيسه كما حدث خلال اليومين الماضيين.

وبالتزامن مع مواجهات اعتداءات الاحتلال، يساهم أهالي القدس المحتلة في الفعاليات التضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام، إذ شارك المئات من أهالي الأسرى والمتضامنين وممثلي مؤسسات الأسرى وعدد من الشخصيات من القدس والداخل الفلسطيني في صلاة الجمعة، التي أقيمت في خيمة الاعتصام في حي البستان في سلوان، ضمن فعاليات اعتصام "مي وملح = كرامة".

وبعد انتهاء صلاة الجمعة، نظمت وقفة تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام في يومهم الـ37 أمام خيمة الاعتصام، تخلّلها تأكيد رئيس لجنة أهالي الأسرى، أمجد أبو عصب، انضمام 28 أسيراً مقدسياً محكوماً للاضراب عن الطعام وإصرارهم على تحديهم للسجان، من أجل مساندة الأسرى الاداريين المطالبين بحقوقهم ومطالبهم العادلة.

من جهته، أشاد الأسير المحرر سامر العيساوي، في كلمته، بصمود ونضال الأسرى المضربين عن الطعام، وضرورة الالتفاف حولهم ومساندتهم.

وثمّن دور سكان سلوان بما أنهم يشكلون خط الدفاع الأول عن الأقصى. وتمنى استمرار الفعاليات التضامنية مع الأسرى. وطالب العيساوي بالعمل على إطلاق سراح الأسرى وعدم تركهم وحدهم في السجون الاسرائيلية.

وتحدثت والدة الأسير محمد إسحاق عودة، المحكوم 9 مؤبدات و40 سنة، عن إضراب الأسرى وصمودهم، وطالبت الشارع المقدسي بالتضامن معهم والوقوف إلى جانبهم، من أجل نيل الأسرى الاداريين وكافة الأسرى حقوقهم العادلة.

أما عضو لجنة حي البستان، الشيخ موسى عودة، والد الأسير محمد عودة، فأكد على مواصلة الفعاليات التضامنية مع الأسرى حتى تحريرهم، لافتاً إلى أن "أي خطر يمس حياة أسرانا المضربين عن الطعام، سوف ينعكس على جميع المناطق الفلسطينية عموماً ومدينة القدس خصوصاً".

دلالات

المساهمون